رائدات - زينب عيسي

الخميس, 27-أكتوبر-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
يقال ان هناك جسر معلق في كندا يطلقون عليه "جسر النسيان" من يسير عليه ينسي كل ما حدث له في حياته ، ورغم أن تلك المقولة قد اكدتها بعض المصادر، لكنها من ناحية المنطق قد لايقبلها العقل لأننا لم نعد نعيش في عصر المعجزات ولم يترك عصر العلم شاردة ولا واردة الا وارجعها لسبب علمي وموضوعي ، وأغلب الظن أن الغرض منها تعظيم قيمة أن يهجر الانسان كل ما يبعده عن راحة باله ويعكر صفو حياته،فالنسيان في حد ذاته رغم كونه نقيصه تصيب عقل الانسان ولها سبب علمي معروف عبارة عن الغفلة عن الشيء مع انمحاء صورته أو معناه عن الخيال و عدم تذكر المعلومات والمهارات والخبرات التي مر بها الفرد وهي ظاهرة طبيعية تحدث لجميع البشر، لكنه بمعناه المعنوي أمر مستحب لدي أغلب الناس في شتي بقاع الأرض لان النفس البشرية في الأصل واحدة تأسي وتفرح تتألم وتسر.

وقد يكون النسيان نعمة في بعض الأحيان وان كان هناك من يري انه لامعني لحياتنا بدون ذاكرة حتي وان احتفظنا فيها بالذكريات المؤلمة ،فالالم يأتي بعده حتما اوقات سعيدة والكرب سوف يؤدي الي انفراجة حتما ان طال الوقت أم قصر . والإنسان لا ينسى إذا كان من الملائم أن يتذكر ثم يتعلم من أخطائه التي قد تكون سببا رئيسيا في رغبة الهروب من الواقع بالنسيان .

وحظ النسيان في مقولات المشاهير كبير ويبين انه شئ اساسي في حياة الانسان ،فالنسيان أسهل طريقة للحياة وهي مقولة الروائي الكبيرعبد الرحمن منيف،النسيان شكل من أشكال الحرية... قالها :جبران خليل جبران،أحب أن أنسى، ولكن أين بائع النسيان… قالها زكي مبارك ،نحن ننسى لأنه يجب علينا ذلك، وليس لأننا نريد ذلك… قالها : ماثيو أرنولد ، قد يتمكن المرء من العيش دون أن يتذكر كالحيوان، ولكن من المستحيل عليه أن يعيش دون أن ينسى… قالها : فريدريك نيتشه ،العلم تذكُر والجهل نسيان… قالها : أفلاطون.

ومع اختلاف الآراء حول النسيان بإيجابياته وسلبياته فهو مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية في حالة إصابة الانسان بالمصائب والأوجاع والابتلاءات ،واعجبني قول أحد الحكماء "لله على الناس نعمتان لا تطيب من دونهما الحياة ولا يهنأ بغيرهما العيش، النسيان والأمل، فبالنسيان تقل الهموم والذكريات المحزنة وراحة للأفكار ويخفف الضغوط الفكرية".

و لما كان الخطأ والنسيان من صفات البشر ، فقد رفع الله عن الناس المؤاخذة بهما، وهو مايدلل عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».لكن قد يتحول النسيان إلى نقمة إذا نسي الانسان ما يلهيه عن ربه .. أو نسي فضل الغير عليه وهو نسيان متعمد يتشكل في قصدية المعصية و الجحود والنكران .

صحيح أن حياتنا لاتخلو من الاحداث الخانقة التي قد تدفعنا في لحظة الي التعلق بفكرة النسيان، لكن هناك نوع من النسيان لايتمناه المرء لنفسه ابدا بل يحمد الله علي نعمة الذاكرة ،تخيل ان هناك من فقد ذاكرته وقد ابتلاه الله بآفة النسيان المرضي كالزهايمر مثلا هل كنت ستفكرأن تتنازل عن ذاكرتك وان كانت لاتحوي الا علي كثير من الألم وقليل من الفرح .فالنسيان لايعد ميزة في بعض الأحيان .

تذكر دائما ان هناك شخص قابع في مكان ما يغبطك علي نعمة الذاكرة ولو أثقلت بهموم وأحزان العالم.وان كان هناك بد من عبور جسر النسيان فعلينا أن نتفق علي نسيان او تناسي الهموم والاحزان لا الافراح والاحباب ، أولي بنا أن ننسي أصحاب النفوس الحاقدة والقلوب المريضة ،علينا أن ننسي ناقلي الطاقةالسلبية وفاقدي الشعور بآلام الغير.

zuna_press@yahoo.com
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 12:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-993.htm