رائدات - زينب عيسي

الخميس, 22-سبتمبر-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
جلست اقلب في رسائل أصدقاء الفيس وتعليقاتهم .."اكرموا من تحبون بكلمات جميلة وافعال اجمل ..أرواحنا خلقت لفترة قصيرة وسترحل افعلوا الخير لترتاح في رقادها الابدي ..ابتسموا وتناسوا اوجاعكم فهي دنيا وليست جنة"..كلمات في ظاهرها الرقة والتفاؤل والتحريض علي فعل الخير لكنها لا تعبر عن واقع الحال الذي نعيشه ولايستطيع أحد أن يطبقها في ظل غياب المسئولية الاجتماعية بين أفراد مجتمعاتنا ، ولااستثني أحدا من تلك المسئولية سواء علي المستوي الحكومي و القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ، أو الافراد العاديين ، لان فعل الخير في مجتمعاتنا غير مرتبط بمسئولية مجتمعية بقدر ما يرتبط بسلوكيات فردية قد يفعله البعض للتباهي ويقدمه آخرون عن نية خالصة .

والعمل التطوعي أحد أشكال تحقق تلك المسئولية ،وحتى وقتنا هذا، لم يتم تعريف مفهوم المسؤولية المجتمعية بشكل محدد، يكتسب بموجبه قوة إلزامية ، ولا تزال هذه المسؤولية، في جوهرها معنوية، تستمد قوتها وقبولها وإنتشارها من طبيعتها الطوعية الإختيارية. وهنا مكمن المشكلة لان صفة التطوع في بلادنا وعمل الخير تأخذ منحي "الشحاتة" مع الأسف علي الأقل في مفهوم قطاع كبير من الناس ، والسبب أن التطوع و عمل الخير لايسير في قنوات شرعية ووفق أطر محددة وهو ما صنع الفارق بين دولة كالسويد مثلا وصلت فيها نسب التطوع الي 75% في حين أن مصر تتجاوز فيها نسبة التطوع 3% رغم انتشار اكثر من 20 الف مؤسسة للخير وهذا يكشف انعدام الثقة في تلك المؤسسات وغياب دور الجهات التوعوية من اعلام والجامعات والمدارس والندوات والمنتديات وغيرها لتبصير المواطنين بالمعني الحقيقي للتطوع .

ويعد مفهوم المسؤولية المجتمعية من المفاهيم الحديثة في مجتمعاتنا العربية مصطلحا وتنظيما، وظهر بشكل مبكر في الدول الغربية، نتيجة لاحتياج المجتمع المدني له، فالمسئولية المجتمعية واحدةً من دعائم الحياة المجتمعية الهامة ووسيلة من وسائل تقدم المجتمعات، حيث تقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله المسئولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين.وفعل الخير لايعني فقط تقديم المساعدة المالية لغير القادرين كما ارتسم في اذهان الكثيرين فهذا منظور ضيق جدا ..لكن التطوع هو رسم ابتسامة علي شفاه مريض او تبرع بالدم هو في أمس الحاجة اليه ، التطوع هو نشر العلم والثقافة.ولان مشكلتنا الحقيقية الانانية التي يتعامل بها كل منا مع الآخرين وتتنافي تماما مع مضمون مسئولية الافراد المجتمعية ،ازدادت الفجوة بين أفراد المجتمع لتفاوت تفسير كل منا لمفهوم تلك المسئولية .وأصبح شعارنا "وانا مالي" طالما ابتعدت عنا المشكلات ولم نتعرض لغبن او ظلم .

قال لي الدكتور مصطفي حجازي البرلماني المصري واستاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية ونجل الاقتصادي الكبير الراحل ورئيس وزراء مصر الدكتور عبد العزيز حجازي حين التقينا علي هامش مؤتمر يناقش المسئولية الاجتماعية :المسئولية الاجتماعية ياعزيزتي لايجب ان توجه لفقراء المال بل تذهب أيضا نحو فاقدي الرؤية ومن يجهلون كيف ينيرون الطريق لغيرهم عن طريق المعرفة ،قد تكون فكرة أومبلغ من المال أو وظيفة ،أو دعم لمتفوق أو تشجيع بحث علمي قد نستطيع من خلال المسؤولية المجتمعية دعم مؤسسات العمل الخيري لتأدية أعمالها ودعم البحوث الاجتماعية التي تعمل على دراسة المشكلات الاجتماعية.نستطيع أيضا من خلال تحمل المسئولية المجتمعية أن نلغي من قاموسنا كلمة "أنا " ونستبدلها ب"نحن".

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 10:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-907.htm