رائدات - #رائدات

الثلاثاء, 13-سبتمبر-2016
رائدات/سابين الحاج - لبنان -
غالباً ما نلاحظ أنّ الرجال الذين تربّوا في بيئة فاقدة الاتزان هم أكثر مَن يتهجّمون على حقوق النساء، ومَن يرمون على المرأة التهم بأيّ مكروه تتعرّض له، فيحمِّلونها مسؤولية اغتصابها ويعتبرونها حائزة على حقوقها، مهما كانت حقوقها مقضومة فعلياً أو غير معترف بها أصلاً ويرونها سيّئة ويصورونها رخيصة ومقيتة... ذكور مجتمعنا مبرمَجون أباً عن جِدّ على دعوة "نسائهم" إلى التستر والرصانة المطلقة، وفي المقابل يحللون لأنفسهم فعلَ ما يحلو لهم على جميع الأصعدة، وصولاً إلى استباحة أجساد "بنات الناس" وكراماتهنّ لدى صدور أيّ تصرّف منهنّ يكون في نظر الرجل وحكمه خارجاً عن الأعراف البالية التي ورثها.
فهي إن ضحكت بصوتٍ عالٍ قد تعني ضحكتها بالنسبة له أنها رخيصة، وإن ارتدت تنورة قصيرة يعيّرها بأفكاره النابية، وإن كانت اجتماعية ومرحة وثيابها سكسي قد يتوجّس أنّ "الهجوم" عليها مُباح واستباحة شخصها من خلال "تلطيشه" القذر وصولاً إلى محاولة النيل من جسدها بشتّى الوسائل أمرٌ مشروع.
انتبهي وإلّا...
بدل إرساء قوانين تعلّم الرجال حفظ حدودهم وتروّع من يحاول المسّ بأيّ سيدة، تحثّ البؤر الاجتماعية المتخلّفة بناتها على التنبّه إلى تصرفاتهنّ وثيابهنّ ويقيّدُهن الأب والأخ والزوج وحتّى الأم بمعايير صارمة حتّى لا يفهمهنّ المتحجّرون من الرجال بشكل خاطئ، ويحولوهنّ إلى ضحايا، لأنهنّ أغوين ذكراً فانقضّ عليهنّ بأنيابه المسنونة وغرائزه الحيوانية، وهنّ السبب!
ويُذكر أنّ هؤلاء الذكور إذا تعرّفوا يوماً الى امرأة أغرمت بأحدهم فاستسلمت له جسدياً، أو باعت نفسها له لأيّ سبب كان، وضعوا جميع نساء المجتمع في سلة واحدة رخيصة، وتعقّدوا جميعاً أكثر فأكثر.
القوانين في لبنان
لماذا يستغرب اللبناني أو اللبنانية إذا ما سمع أحد المسؤولين يُمعن في التمييز ضدّ المرأة في خطابه؟ فنظرة على القوانين اللبنانية التي وضعها هؤلاء، أو هم وصلوا إلى السلطة فوجدوها إلّا أنهم سكتوا عنها، و»الساكت عن الحق شيطان أخرس»، تُعبّر عن مستوى تفكير غالبيتهم بالنساء اللواتي يشكّلن نصف المجتمع وقد صوَّتن لإيصالهم إلى الكراسي.
فـ "الإناء ينضح بما فيه"، وقد نضح تميّزاً هائلاً وجنونياً، يتطلّب ردمه "نضالاً" وضغوطاً من قبل الجمعيات والمجتمع المدني، لشدّة تمسّك الطبقة الحاكمة بقتل النساء والمجتمع بأسره حقوقياً واجتماعياً واقتصادياً وبيئياً... ويعتبرون أنها حائزة على حقوقها، تماماً كما يرون أن اللبناني الغارق في نفاياته وعجزه لا يحتاج مبادرة إنقاذية فورية.
الاغتصاب والتحرّش
نالت مذيعة الأخبار الأميركية السابقة في قناة فوكس نيوز غريتشن كارلسون اعتذاراً وتعويضاً بقيمة 20 مليون دولار من الشركة المالكة لمجموعة "فوكس" الإعلامية، بعد اتهامها مديرها السابق روجر أيلز بالتحرّش الجنسي بها، وذلك مقابل تخلّيها عن رفع دعوى قضائية ضده.
أما في لبنان فإن ضغط أيُّ مدير على موظفة، وضايقها وكبّلها مهنياً لتستسلم جسدياً له، فلا تفكّر "هذه الحائزة على حقوقها"، برفع دعوى أصلاً بل الخضوع أو خسارة الوظيفة، لاسيما أنّ لبنان لا زال دون قانون يعاقب على جرم التحرّش الجنسي في أماكن العمل على رغم تفشّيه الهائل في بلادنا ومعاناة ضحايا بالآلاف بحسب بعض الأرقام والإحصاءات.
في المقابل، لا زال قانون العقوبات اللبناني الذي يتوقع أن يحمي المرأة "الحائزة على كامل حقوقها في أماكن عديدة"، ينصّ في المادة 522 على وقف ملاحقة ومعاقبة أيّ رجل يغتصب امرأة لانعقاد زواج صحيح بينهما.
نعم، فإذا تزوّج المغتصب الفتاة التي هتك عرضها يكون قد غسل بذلك العار عنها وعن أهلها، فيُكافأ بإسقاط التهمة عنه وبفوزه بالضحية زوجة له ليغتصبها مئات المرّات تحت عنوان الزواج الشرعي. علماً أنّ الاغتصاب الزوجي في القانون اللبناني ليس جرماً بل هو "حق" من "الحقوق الزوجية"! وكلّ هذه الفظائع يتطلب تعديلها "نضالاً"!
نعم لحقوقك، ولكن...
إنها القوانين اللبنانية بدل أن تحمي المرأة تهدّدها وتدمّر حياتها. ويعتقد المسؤولون ومعظم ذكور مجتمعنا أنّ مَن ترتدي تنورة أو بنطلوناً وتخرج يومياً إلى العمل ويُسمح لها بالسهر حائزة على حقوقها! وأيّ حقوق؟!
ومَن يعترف من الذكور مسؤولين كانوا أو مواطنين بأنها غير حائزة على حقوقها يؤكّد في سبيل "التسييف": "المرأة يجب أن تأخذ كامل حقوقها، ولكن..."، وكم نتمنّى لو وُلدنا طرشاناً قبل أن نسمع الحجج المرفقة بكلمة لكن...
عن صحيفةالجمهورية اللبنانية
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 04:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-905.htm