رائدات - زينب عيسي

الخميس, 01-سبتمبر-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
يذكرني ماحدث من جدل حول المحجبات في بطولة بريو دي جانيرو بقصة جحا وحماره حين ذهب الي السوق ومعه ابنه و حماره فانتقده الناس وقالوا له ما بالك يارجل هل تركب انت وابنك هذا الحيوان المسكين . فنزل جحا هو وأبنه وسارا بجانب الحمار إشفاقا عليه . فسمع جحا احد الناس يقولون (( ما اغبى هذا الرجل ! يتعب نفسه وابنه ويريــح حماره ! )) فأسرع جحا وركب الحمار وبعد قليل سمع رجل يقول لمن معه (( انظرو فقال بعض المارة هذا الرجل ! انه يركب وهو رجل قوي , ويرهق ولده الصغير بالمشي ! )) ترجل جحا واركب ولده , وسار وراءه , وسمع الناس يرددون (( ما اوقح هذا الصغير يركب الحمار , ويدع آباه كبير السن يمشي ! )) حار جحا في إمره فركب وولده ليستريح من كلام الناس , ولكنه سمع الناس يقولون (( ما أقسى قلب هذا الرجل ! يركب وولده هذا الحمار الضعيف ! )) نزل جحا وولده , وحمل الحمار على ظهره , , فإذا الناس يتصايحون (( لقد جن الرجل . فقد المسكين عقله . )) هنا قال جحا حقاإن ارضاء الناس غاية لا تدرك على الأنسان إن يرضي ضميره ولو غضب الناس .

هذا هو حال النساء في بلادنا فقد انشغل الكثيرون بانتقاد ما ارتدته اللاعبات المصريات فى ريو دى جانيرو، ورغم ما حققته بعض اللاعبات من انتصار، انتقد المتشددون ملابس اللاعبة الصغيرة سارة سمير( 18 عاما ) ووصفوها بأنها مخالفة للشرع رغم أنها كانت تغطى جسدها وشعرها بالكامل،أضاع اصحاب العقول الضيقة فرحة شابة صغيرة حملت ما يعجز الرجال عن حمله في لعبة يقال انها رجولية بامتياز، وتعرضت لعنصرية وهجوم من قبل من ركزوا علي جسدها فقط ولم يبالوا كيف وصلت الي بطولة عالمية وتفوقت فيها علي قريناتها من دول العالم الاول .

ما اعرفه أن الانتقاد يكون للغير مألوف لتقاليد أو ثقافة ما ، أما التركيز علي ملابس فتاة أو سيدة تقوم بعمل يقدره العالم هو أمر غير مفهوم وغير مبرر وتجسيد لحال كثير من نسائنا سواء أرتدوا الحجاب أو المايوه أو الشورت، فمجتمعاتنا تكيل بمكيالين ومصابة بنوع من الشيزوفرينيا في معاملة سيداتها، فالمرأة مخطئة في كل الحالات محجبة أو بدون حجاب منقبة او غير منقبة ،وزاد الطين بلة ان وسائل الاعلام الغربية قد أشادت بزي اللاعبات المسلمات في دورة الالعاب الاوليمبية ما اعتبرته تنوعا ثقافيا حين ارتدت لاعبة مصرية الزي الاسلامي متمثلا في لبس رياضي محتشم أمام منافستها الألمانية التى ترتدى البكينى,و ارتدت لاعبات من منتخبى إسبانيا وسويسرا ملابس محتشمة إعجابًا بلاعبات الفريق المصرى، انبرت الميديا المصرية وتكفلت وسائل التواصل الاجتماعي بنهش جسد اللاعبات فى تجسيد فاضح لنظرة مدعي الحرية والمتشددين علي حد سواء للمرأة، فسمعنا وقرأنا تعليقات تصف اللاعبات بمنتخب "كارينا " ومن ناحية أخري
قيل "اللاعبات ذهبن إلى البرازيل للمنافسة فى الأولمبياد وليس لدخول الجنة"،ناهيك عن الانتقادات التي تعرضت لها لاعبة اسكواش مصرية بالبطولة لارتدائها الشورت وهو نفس ما تعرضت له سباحة سورية لارتدائها المايوه .

اذن المرأة متهمة في كل الأحوال من قبل بعض مدعي الحرية الفضيلة ممن يختصرون المرأة في زي وجسد ،بل ساهمت نظرة المجتمع للمرأة في أن أصبح وجودها مرتبطا بقضايا أخلاقية ومجتمعية ومشاكل أسرية ، وهذا موثق وفق إحصائيات صدرت عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، وكشفت أن 92 % من جرائم قتل السيدات التى وقعت فى الفترة الأخيرة تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف، التى يرتكبها الأزواج أو الآباء أو الأشقاء بدافع الغيرة على الشرف وغسل العار، في حين أن 70 % من هذه الجرائم لم تقع فى حالة تلبس، كما رصدت مكاتب تسوية المنازعات خلال العام الحالى، تزوير الأزواج لشهادات الشهود فى دعاوى النشوز وصلت لـ8 آلاف حالة وفى إنذار الطاعة لـ4300 حالة. وتحدث ولاحرج عن حرمان النساء من حقوقهن الشرعية فى الميراث خاصة في المجتمعات القبلية والجنوب المصري الذى لا يصل فيه الامر إلى المحاكم لاعتبارات العادات والتقاليد..باختصار نحن مجتمعات تحتاج إلي ثورة جديدة فيما يخص احترام المرأة وتقديرها .

تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 08:49 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-893.htm