رائدات - زينب عيسي

الخميس, 11-أغسطس-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
رغم انتهاء العام الدراسي مازالت قضية الغش في امتحانات الثانوية العامة تطرح مئات الاسئلة التي لاعلاقة لها بالحادثة نفسها بقدر ما تلقي الضوء علي تداعيات فشل النظام التعليمي ، فظاهرةالغش ليست جديدة علينا لكن الاساليب التي يغش بها الطلاب هي التي تطورت الي حد مفزع وتلك ايضا ليست المشكلة الوحيدة لدي الكثيرين ، لكن ان يتحول وزير تعليم أخفق في ادارة أزمات التعليم في مصر إلي بطل قومي لانه تصدي للغش في الامتحانات تلك هي الكارثة وكأنه ليس من ضمن مهام سيادته محاربة الظواهر السلبية التي تساهم في تراجع منظومة التعليم.الامر الوحيد الايجابي في هذا الموضوع انه قد يكشف لنا ماهو اخطر من مستوي متدني لطلاب يتفننون في طرق للغش وما اعنيه "مصطلح الثانوية العامة " الحقيقة المؤلمة في كل بيت .. الثانوية العامة التي اصبحت البعبع الذي يحير كل اب وام لديه ابن او ابنه مقبلين علي تلك المرحلة ..الثانوية العامة هي ميزانية ضخمة ترتب لها الاسر لمواجهة سعار الدروس الخصوصية ..الثانوية العامة هي قلق وحالة طوارئ اجبارية تفرض علي الطالب وعائلته وجيرانه واصدقائه ومعارفه وربما من لايعرفونه لان لديهم اصدقاء مشتركين اصابهم التوتر بسبب الثانوية العامه فتوتروا هم الاخرين تضامنا معه.كل ما سبق هو نتيجة وليست سبب ..عرض لمرض مزمن لاشفاء منه الا بالبتر فلم يعد يصلح معه مسكنات العالم.

والثانوية العامة اصبحت مرادفا لحالة يأس لدي الطلاب وخوف من عدم الحصول علي الدرجات النهائية أملا في دخول كلية من كليات القمة فيدخل الطالب الامتحان وهو مصمم الايستخدم عقله ويأخذ حق طالب اخر (طلعت عينه في المذاكرة )ويتفرغ لكيفية استغلال التكنولوجيا ليضمن التفوق وليس التفوق فقط بل اقتناص الدرجات النهائية التي تؤهله ليفرض عضلاته أمام مكتب التنسيق فيلجأ الي برمجه هاتفه استعدادا لمهمة الغش الالكتروني ، وهذا لايعني أن نوافق علي تلك الطريقة لكن قبل أن نحاسب من أقدم علي تلك الاساليب يجب أن نسعي وراء الاسباب الحقيقية وراء ذلك ،فالغش بالطبع ليست طريقة للوصول الي النجاح لكن النجاح الحقيقي لانصل له ايضا بمناهج مكدسة ونظام تعليمي هو في حد ذاته حرب تكسير عظام لاولياء الامور والطلاب فضلا عن غياب عناصر مهمة وأساسية في العملية التعليمية .

السؤال هنا هل العيب في الطالب ،أم في مناهج التعليم ، أم اشتراطات التنسيق المعجزة للطالب العبقري وليس العادي وهو حال معظم الطلاب ، وان كان الخلل في منظومة التعليم لماذا لانعالجه ونحن علي هذا الحال من عشرات السنين ؟ ، اين الانشطة الموازية في المدارس ولماذا اختفت حصص التربية الدينية من العديد من المدارس التي تدار بمنهج تجاري استهلاكي وتخدم نزعة بعض الأثرياء في تقليد الغرب المعتز بلغته التي نتقاتل نحن علي تدريسها لأبنائنا وهو امر جيد لكن شريطة الا يأتي علي حساب اللغة العربية اللغة الام لغة القرآن الكريم ؟..وهو ما ذكرني بصديق حكي لي انه الحق ابنه بمدرسة تتبع المنهج الامريكي باحدي المدن الجديدة بالقاهرة وفوجئ ان حصة التربية الدينية لا يتم تدريسها بانتظام بل كادت تختفي من جدول الحصص ما اضطره لاستقدام مدرسة متخصصه لتعليم ابنه الدين الاسلامي في المنزل .

أحوال التعليم التي لم تعد تسر عدو لاحبيب دفعت عدد من الامهات المصريات الي الاعتراض ولفت الأنظار من خلال تكوين حملة على الفيس بوك بعنوان حملة «ثورة أمهات مصر على المناهج التعليمية» طالبن من خلالها بعدد من المطالب يرين أنها تخفف الحمل عن كاهل أولادهن هذه الحملة كانت بدايتها فى منتصف التيرم الأول من العام الدراسى الماضى . لتعود نفس الحملة منذ أيام مطلقة مبادرة أخرى باسم «توقيعك يصنع مستقبلا»، والتي تهدف لجمع توقيعات أولياء الأمور المعنيين والمهتمين بتغيير المنظومة التعليمية الفاشلة التي تتضمن حشو ومعلومات بدون قيمة وتعلم الطلاب الحفظ والتلقين ..الامر الجيد في تلك الحملة أنها تدعو الي انقاذ النشء منذ الصغر من سياسة تعليمية فاشلة ،ما دفع أحدي أولياء الامور الي القول "علاقتنا بأولادنا أصبحت مثل فيلم رعب طول النهار نجرى وراهم فى الدروس ونرجع البيت نكتب واجبات المدرسة ونحفظ الدرس علشان المستر ميضربوش دا غير المناهج العقيمة كلها حش فى دماغ الطفل الضعيف" . هذا هو حال بيوتنا وأمهات اليوم وهو ما يدفعنا بالقول بضرورة أن نصلح الامر من جذوره فلا يمكن أن نتخلص من البعبع الذي يهدد الجميع ما لم يتم نسف السلبيات المستوطنة بمنظومة التعليم من الابتدائي مرورا بالاعدادي وحتي الثانوي .
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 08-مايو-2024 الساعة: 06:23 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-887.htm