رائدات - زينب عيسي

الخميس, 28-يوليو-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
يحكي انه ذات يوم تعطل محرك سفينة وحار ربانها في اصلاحها بعد ان استقدم أمهر المتخصصين فأسقط في يده واعلن عن مكافأة لمن يعرف طريق من يصلح هذاالعطل ،فجاءوا بشيخ عجوز كان يعمل في اصلاح السفن وكان يحمل حقيبة أدوات بسيطة معه، ففحص المحرك بشكل دقيق، من القمة إلى القاع، وبعد الانتهاء من الفحص، ذهب الرجل الشيخ إلى حقيبته واخرج مطرقة صغيرة.بهدوء طرق على جزء من المحرك، وفورا عاد المحرك للحياة، وبعناية أعاد المطرقة إلى مكانها وبعد أسبوع تسلم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من الرجل الشيخ وكانت عشرة آلاف دولار وهنا صاح أصحاب السفينة قائلين «إنه لم يفعل شيئا». فكتبوا للرجل الشيخ ملاحظة تقول «رجاء أرسل لنا فاتورة مفصلة» أرسل الرجل الفاتورة كالتالى : الطرق بالمطرقة : 1 دولار ومعرفة أين تطرق 9999 دولارا.

قصة رائعة تكشف ان الافكار حقيقة تستحق تقديرا كبيرا فالعبرة بكيفية الوصول لحل المعضلات وهو ما يميز شخص عن آخر ،والاما تقدمت البشرية بفضل اناس انارت الافكار طريقهم وقدموا لنا اختراعات مذهلة مازلنا نستخدمها ونؤسس عليها ونضيف من التكنولوجيا ما يفيدنا ، ما أعنيه أن الجهد مهم لكن الاهم الافكار التي يترتب عليها بذل هذا الجهد شريطة تقدير الافكار المطروحة وان كانت بسيطة ربما تضئ الطريق لافكار عظيمة فيما بعد .

والتاريخ يحظي باختراعات عظيمة بدأت بأفكار بسيطة دعت اليها الحاجة وساندها الفكر الانفتاحي علي الغير فكثير منا لايعلم مثلا أن الصفر(0) هذا الرقم الغريب والعجيب الذي حار فيه كثير من العلماء هل هو حقيقي ام خيال عرف منذ أزمنة بعيدة في عدة حضارات كالهند والانكا وبابل ولكنه لم يستخدم في الرياضيات الى ان جاء العالم المسلم المشهور محمد بن موسى الخوارزمي في نهاية القرن الثامن الميلادي في عهد الخليفة المامون بفكرة بعد ان قام بقراءة كتاب هندي فاكتشف الصفر فادخله للحساب، وكذلك وصلت الينا اختراعات بدأت بفكرة مثل اختراع الساعة فمنذ فجر البشرية اهتم الناس بالوقت اهتماما بالغا فكان الناس يقيسون الوقت بالشمس أو الظل أو النجوم لكن في كثير من الاحيان كان يتعذر ذلك اما لسوء الطقس او انعدام الرؤية في مكان مظلم ,وكما يقال”الحـــاجة أمٌ الاختراع” ,كان لابد من وجود آلة لقياس الوقت وجاءت الفكرة ثم التنفيذ .

وربما لايتكلف التنفيذ مبلغا زهيدا لكن الفكرة تساوي الكثير ..والفكرة هنا تعني العقل الذي فضلنا به الخالق العظيم عن باقي مخلوقاته . ولا تقتصر مهام العقل على التفكير لانتاج الأفكار وحسب، بل الاحساس والشعور والسلوك. وتعود دقة التفكير إلى مستوى وعي الفرد فكلما كان مكتسباً للخبرات زادت قدرته على طرح أفكار دقيقة والتصرف بسلوك صحيح متوافق مع أعراف المجتمع وقيمه.

ويتطلب النجاح ابتكار الأفكار بطريقة غير تقليدية وهي الطريقة التي نشأت في أواخر الثلاثينيات على يد عالم يسمي "ألكس أوسبورن" كان يحذر من انتقاد الفكرة مهما كانت بسيطة أو مستحيلة فلايجب أن نقلل منها ،بل الانطلاق بحرية الي فضاء التخيل بما أسماه "التفكير خارج النفس"بمعني أن التركيز في التفكير على النتائج فقط يؤدي إلى تدمير الفكرة قبل إعطائها فرصة التطور والظهور، أما التركيز في التفكير على الحلول؛ فإن ذلك يساعد على تفجير الذهن وابتكار أفكار جديدة.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 05:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-883.htm