رائدات - زينب عيسي

الأربعاء, 22-يونيو-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
لحظات التحول والانتقال من حالة إلي أخري تظهر جلية في شهر رمضان ،وتحضرنا الرغبة في محاسبة النفس في رمضان أكثر من أي وقت خلال العام ، بيد أن تلك المحاسبة لا يجب أن تكون فقط في نهاية العام أو في شهر شعبان أو رمضان، وإنما في كل الأوقات، لكن بعض المناسبات قد تكون سببا للمراجعة والمحاسبة ،وهو ما يظهر جليا نظرا لروحانية الشهر الفضيل وارتباطه بالعفو والمغفرة والمنح الربانية التي يهبها الله سبحانه وتعالي للمسلمين الصائمين. فالحكمة من صوم رمضان تدعو الى الحلم، والتعقل، والالتزام بالأخلاق الحميدة، والتراحم، والتعامل بالمعروف، ما يستلزم التوقف والتفكير في كيفية السيطرة على الغضب وتوجيهه بالشكل السليم.

وتزداد في رمضان فرص التوبة لدي الكثيرين ليس فقط عن الذنوب الكبيرة لكن عن بعض العادات التي يضعف الشخص أمامها ولايعرف كيف يتخلص منها ، والتدخين من ابرز تلك العادات السلبية السيئة المرتبطة بالغضب الوهمي وهي بالفعل مشكلة المشاكل في رمضان ، وهو ما أكدته كثير من الأبحاث العلمية حيث يؤدي نقص مادة النيكوتين في المخ إلي مشكلات عصبية لدي المدخن تجعله غير مسئول عن تصرفاته في بعض الأحيان وفي حالة الامتناع الجبري خلال الصيام تحدث الكوارث لدي البعض قد تصل إلي حد القتل أو الطلاق وخراب البيوت وارتباك العلاقة الأسرية ،فكم من الأشخاص أدي امتناعهم عن التدخين أثناء نهار رمضان إلي اختلاق المشاكل في العمل أو مع الأهل والأصدقاء وحتي الأغراب، ووصل الحد بالبعض الي ضرب زميل العمل أو التطاول علي الرؤساء دون أن يدري أن ذلك الأمر سيدمر مستقبله الوظيفي ،وقد حكت لي احدي الصديقات أن زوجها كاد أن ينهي علاقتهما الزوجية بسبب امتناعه عن التدخين في رمضان والأمر الغريب بعد زوال المشكلة لم يدري كيف تصرف بهذا الشكل المعيب، وأخري قالت ان زوجها قد ترك المنزل في رمضان حتي يتجنب الصدام مع الآخرين .

إن الحكمة الأساسية من وراء الصيام، هي تعويد النفس على الصبر وتهذيبها وهذا ما قد يتعارض مع ردود الفعل الناتجة عن الغضب في رمضان،ومسألة ضبط النفس تحتاج إلي الإقلاع عن العادات السيئة و محاسبة النفس التي لا تكون فقط في شهر رمضان، وإنما في كل الأوقات، لكن الكثير من مواقف الحياة يكون شهر رمضان محطة مهمة للمحاسبة والتوبة والتماس المغفرة،و الأجدر بالمسلم محاسبة نفسه على الدوام،وعدم تبرير الأعذار بمسئولية الصيام عن أفعالهم.

و قد أمر الدين الاسلامي المؤمنين جميعاً بمحاسبة أنفسهم تأهباً واستعدادا للعرض على الله تعالى يوم القيامة، في قوله عز وجل:"يا أيها الذين آمنوا أتقو الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون، ولا تكونوا كالذين نسُوا الله فأنساهم أنفسهم"،وأول خطوة في الطريق أن نصلح من أنفسنا، ونغير من واقعنا إلى الأفضل، وهذه هي سنة الله تعالى التي بيّنها في كتابه العزيز:"إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

ذكر نفسك بان الشهر الفضيل قد يكون فرصتك للتخلص من العديد من السلوكيات السيئة وتجنبها، سواء على المستوى الصحي والجسدي، او على المستوى الروحي والاخلاقي، والغضب قد يتنافي ويتعارض مع الحكمة من وراء الصوم، وهي تهذيب النفس وتعويدها على الصبر والتحمل. وتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم:"واذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب فان سابه احد او قاتله فليقل اني امرؤ صائم".
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 11:19 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-868.htm