رائدات - زينب عيسي

الثلاثاء, 14-يونيو-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
دائرة مغلقة تلك التي تدور فيها الدراما الرمضانية كل عام بمضامين لاتمت لشهر الصيام بصلة لامن قريب ولا من بعيد ، مابين أدوار البلطجة والأمراض النفسية والاكشن المقلد بلاحرفية وموضوعات ساذجة ، وكأننا قد عدمناالموضوعات الهادفة والدراماالمعبرة عن مجتمعاتنا ..فليس من المنطق أن تدور كل المسلسلات إما حول رجال الأعمال الفاسدين وأصحاب الثروات من الكبار، أو فقراء معدومين تضطرهم ظروف الحياة إلي التخلي عن مبادئهم فينضموا إلي النصف الآخر الفاسد من المجتمع، فليس في قاموس الدراما الحالية أشخاص طبيعيين مثلنا بل اختفت الطبقة الوسطي أو حتي التي تسبقها في السلم الاجتماعي من تلك المسلسلات ، ولايري المشاهد سوي صورة من اثنتين إما القصور الفارهة والحسناوات يتبخترن علي حافة حمامات السباحة ، او بيوت قذرة داخل الحواري تدعو إلي الاشمئزاز أكثر مما تدعو للشفقة.

ونتيجة للإفلاس الفكري لم يتوان بعض المؤلفين عن إعادة إنتاج مشوه لمسلسلات لها تاريخ وتأثير كبير علي المشاهدين تحولت بقدرة قادر إلي مسخ لامعني له من خلال بقايا من بعض الأبطال الرئيسيين للمسلسل والذين قد اصبحوا الان في سن الكهولة وهذا طبيعي لكن المشاهد هنا يعقد مقارنة بين الصورة القديمة لهؤلاء ومااصبحوا عليه وبالطبع المقارنة تأتي لصالح العمل الأساسي ،ناهيك عن مسلسلات الإدمان والمخدرات التي جاءت لتعيد تقديم مصر وكأنها تحوي مجموعة من المدمنين وأصحاب الكيف وتجار المخدرات وبائعات الهوي .

المشكلة تكمن في ان منتجي تلك المسلسلات ومؤلفيها قد اسقطوا من حساباتهم الجيل الجديد من الشباب الذي يستمد معرفته وحكمه علي الأشياء من تلك الأعمال وقد حدث بالفعل أن تحول مسلسل رمضاني عرض العام الفائت الي نموذج قلده كثير من الشباب والفتيات لمجرد التقليد ليس إلا ،والأمر المفزع أن بعض مصحات الإدمان قد زادت بها نسبة النزلاء من المدمنين من الجنسين وهو ما كشفت عنه بعض الإحصائيات.

ليس مطلوب من الدراما أن تقدم لنا يوتوبيا المدينة الفاضلة لكن ترصد لنا واقعا كاملا وليس مجتزأ لمجرد أن السوق يتطلب ذلك أو "الجمهور عايز كده" فالحقيقة ان الجمهور لايمكن بأي حال أن يرغب في مشاهدة هذا الكم الضخم من المسلسلات التي تصدر جميعها الكآبة والرعب والخوف والزهق والفساد والادمان ، وإلا سوف تتحول إلي سلاح موجه الي عقول الناس وقيمهم وثوابتهم . وتكون الغلبة في هذه الحالة للقيم السلبية علي القيم الإيجابية في وقت تواجه فيه مجتمعاتنا حروبا شتي تريد أن تنال من هويتها ،والفن الجاد الهادف أحد اهم وسائل اثبات تلك الهوية . كما أن للفنان دور كبير لانه ببساطة نموذج يقتدي به المتلقي والمشاهد وقدوة بشكل غير مباشر يستمد منها الجمهور افكاره عن الحق والباطل والخير والشر والقبح والجمال.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 03:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-865.htm