رائدات - زينب عيسي

الثلاثاء, 07-يونيو-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
تختلف العبادة في رمضان عن سائر العبادات والأعمال خلال العام .. كيف ولماذا ؟سؤال يحتار فيه المرء ولايجد له اجابة سوي أن الشهر الفضيل رغم اختلاف الزمن وتغير الأحوال له طعم مختلف وروحانيات يدخل فيها المسلم في حالة إيمانية خالصة يتوجه فيها بقلبه ووجدانه إلي ربه .. في رمضان يتسابق المتسابقون في اللجوء الي كسب رضاالله ، فتكثر مظاهر الجود والكرم والعطف علي الفقراء وتمتد موائد الرحمن وتفرط الأيادي في مد يدالعون للمحتاجين وهي عادة لم تتغير كثيرا وأن اختلفت النوايا .
ولصوم المسلم قيمة عظيمة وفائدة في الدنيا والآخرة فيقول النبي محمد عليه الصلاة والسلام كما في الحديث القدسي عن ربه( كل عمل ابن آدم له ؛ إلا الصوم ، فإنه لي ؟ فقال : إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عز وجل عبده ، ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله ، حتى لا يبقى إلا الصوم ، فيتحمل الله ما بقى عليه من المظالم ، ويدخله بالصوم الجنة. فالصوم ركن من أركان الإسلام، وفريضة من فرائضه العظيمة، وعبادة جليلة أنزلت في شهر القرآن.

والصوم معناه مجاهدة النفس وكبح جماحها عن كل ما يشغل العبد عن ربه وهو ما اختفي منذ سنوات ليست بعيدة بعد أن صار الاحتفاء بقدوم رمضان يقتصر علي التبضع وتجهيز صنوف الطعام والاستعراض والتباهي بإظهار الحسنات ،تلك الاستعدادات الشكلية أبعدت الشهر الكريم عن مضمون هام من مضامينه وهو الاستعداد القلبي الإيماني المعنوي، وشحذ الهمم وصدق النية ، ووضع برنامج وتخطيط مسبق لاستثمار واستغلال هذا الشهر في التقرب الي الله بالطاعات والعبادات ومراجعة النفس ، وحسن الإلتجاء لله سبحانه وصدق التضرع.

والصوم عن الطعام والشراب هدف نبيل من أهداف الشهر الكريم ليشعر المسلم بما يعانيه الفقير والمحروم وهو ما يحث علي التكافل والتراحم ،لكن وحده لايجدي ولايحقق ما يرجوه الله سبحانه وتعالي من عبده المؤمن الحق الذي يستغل وقته ويجتهد في طاعته بعيدا عن الملهيات المضيعه للوقت.وتلك الطاعة لاتعني صوم وصلاة فقط ،لكنها تتكشف من خلال العلاقات الطيبة وتوطيد صلة الرحم بين الناس وهو ما لم يعد متواجدا في وقتنا هذا الا قليلا ، ساهم في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي أسهمت في تقليل المسافات، ووطدت العلاقات بين الأصدقاء، لكنها ضيقت المسافات بين الاهل فاستبدلت لمة المائدة الرمضانية برنة هاتف ورسالة تهنئة باردة غاب عنها دفء اللقاء وحميمية الجلسات بين الاهل والجيران .

الان يعيش معظم المسلمون في جزر منعزلة بعد ان اختفت اهم واجمل العادات الرمضانية الجميلة التي اعتدنا عليها في مجتمعنا العربي المسلم ،اين ذهب المسحراتي أهم شخصية رمضانية كانت تنتظره الاسر كلها وصوته الرنان يعلو في الشوارع والازقة والحارات مناديا "اصحي يا نايم وحد الدايم" بل كان يعرف كل من يقطنون تلك الاحياء ويناديهم بأسمائهم ليستيقظوا للسحور ؟غاب مدفع الافطار وذهبت معه فرحة الصائمين المجتمعين علي مائدة واحدة في كل الاقطار المسلمة في نفس الوقت .تغير الحال وأصبحت أسماء المسلسلات الدرامية هي الشغل الشاغل للجميع والانبهار بأجواء رمضان وروحانياته وعاداته الجميلة ذهب الي غير رجعة بعد أن سيطرت الكافيهات والخيم الرمضانية وفقراتها الغنائية وأدخنة الشيشة المنبعثة من جنباتها ،وسادت برامج الفضائيات والمسابقات والمقالب .خلاصة القول لم يعد رمضان كما عهدناه صوم وصلاة ولمة عيلة وفرحة ، و ابواب خير مفتوحة، وسابع جار لايفطر قبل أن يهدي جيرانه مما لديه من طعام.


تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 03:48 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-859.htm