رائدات - زينب عيسي

الثلاثاء, 10-مايو-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
يرتبط إنكار وجود المشكلات بآفة التحايل واختراع أزمات في ظاهرها ضخمة وباطنها فقاعات من السطحية والدهاء بما ينم عن هوية صانعيها ..عن مشعلي الحرائق ومفتعلي الأزمات أتحدث وهم كثر في عالمنا وعلي مختلف الأصعدة والمستويات ، ويقومون على افتعال الأزمات وإيجادها من عدم كوسيلة للتغطية والتمويه على المشاكل القائمة التي تواجههم ،ولان نسيان مشكلة ما يتم عندما تحدث مشكلة أكبر وأشد تأثيراً، تعمد بعض الكيانات أو الأفراد الي اختلاق أزمة تلو الأخري حتي تختفي المشكلة الأساسية ولو بصفة مؤقتة ويطغى عليها الحدث الأحدث ليضعها في خانة أقل أهمية وبمرور الوقت و التقادم تصبح ماضيا منسيا.

وليس مستغربا أن نجد مثل تلك النماذج في كثير من الأماكن خاصة أماكن العمل والمواقع الريادية ، بمعني انك قد تصادف منهم من يفتعلون تلك الأزمات في عملك ويؤتي ذلك بنتائج ناجحة من وجهة نظر من اختلقها ودبر لها وأعدها لتصب في سبيل تحقيق الهدف المراد الوصول إليه ويكون في الغالب بغرض الحصول علي ترقية مالية أو ادارية . ومن الممكن أن تعاشر أشخاصا أقرباء أو أصدقاء فتكتشف منهم من يتقن فن افتعال الأزمات ليحقق هدفا هو في النهاية يصب في مصلحته وحده .

ولم يخطئ المثل القائل "معظم النار من مستصغر الشرر"فأزمة صغيرة من الممكن حلها في جلسة صلح تنقضي في ساعات قليلة او علي الاكثر ايام معدودة تتحول الي قضية وموضوع تتداوله المجتمعات لسنوات ليس لأهميته لكن لان هناك من تعمد أن يحوله إلي حدث جلل بغرض الإلهاء عن حدث أكثر ضخامة وخطورة ،وهذا التوجه انما يكشف عن ضعف من يقفون خلف منصة افتعال الاحداث والازمات وعدم قدرتهم علي ادارة المشاكل ومواجهتها.

ومفتعل الأزمات هو شخص ذو مواصفات خاصة لكنه معروف ومكشوف للغير لأنه يتسم بالغباء ويظن كل الظن أنه أذكي من الآخرين ، فيحاول أن يشتت تفكيرهم عن ما يدبره لهم في الخفاء ،وهو أيضا صاحب مصلحة ونفعي لأنه لايلتفت بالا إلي أن تلك الأزمات التي يفتعلها سيتأذي منها الآخرون ، وتتصدر الأنانية صفات مخترعي الأزمات فهم لايفكرون سوي في ذواتهم ويتفننون في الأساليب التي تمكنهم من الحصول علي أكبر قدر من المنفعة وان كانت علي حساب أقرب الناس إليهم.

وفي الغالب تفجر تلك الأزمات علي الصعيد التجاري وخير مثال على ذلك ما يعمد إليه بعض التجار علي سبيل المثال من خلق أزمات في بعض السلع وهو ما يسمي (السوق السوداء) ، وخلق إشاعة نفاذ السلع لتعطيش السوق وجني الأرباح الطائلة بعد اقبال المستهلكين علي السلع خوفا من حدوث أزمة في إنتاج هذه السلع، بيد أن تلك السياسة التي يتبعها هؤلاء قد لاتفيد في كل الأحوال حيث يبحث المستهلك في وقت ما عن سوق بديل لايقع تحت رحمة شروطه المجحفة أو التقلبات المفاجئة. .

ولاتختلف الدول كثيرا في مسألة افتعال الأزمات بل يحدث ذلك علي نطاق واسع فعالم السياسة بصفة خاصة يعد مرتعا خصبا لفن افتعال الازمات حيث تستخدم الدول الكبرى الإدارة بالأزمات كأسلوب لتنفيذ إستراتيجيتها الكبرى في الهيمنة والسيطرة على العالم ، وهو ما استخدمه أدولف هتلر علي سبيل المثال لا الحصر عند اشتعال الحرب العالمية الثانية، عندما أدار الحرب بافتعال أزمة ببراعة وحنكة، محورها تصوير الغزو الألماني على انه مجرد دفاع عن النفس ومرحلة تأديب لبولندا التي خانت المعاهدات وعلاقات حسن الجوار، وبعد إتمام صنع الموقف الازمة بنجاح، قام هتلر في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي، أول سبتمبر، مرتديا" المعطف المقدس"، بزيارة "البرلمان الألماني " وإلقاء كلمة قصيرة، قال فيها:" لأول مرة يجرؤ الجنود البولنديون النظاميون على مهاجمة وطننا، فقمنا منذ الساعة السادسة إلا ربعاً صباحاً بالرد على النيران. ومنذ الآن فصاعداً سنرد بالقنابل على القنابل"..وهكذا بدأت الحرب العالمية الثانية بأزمة مفتعلة.




تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 03:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-844.htm