رائدات - زينب عيسي

الأربعاء, 04-مايو-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
"إقرأ حتى وإن كنت تغرق" عبارة كتبت علي نصبٌ في حديقة عامة بفنلندا تم تصميمه على هيئة رجل يقرأ في كتاب وسط الماء، وهي فكرة هامة جدا تشير الى أهمية القراءة بالنسبة للانسان وكيف انها قد تصبح ضرورة من ضروريات الحياة وان واجهت الشخص احلك الظروف ..جملة عميقة تكشف أهميةالثقافة في حياة الشعوب ، وكيف تهتم دول الغرب بتحفيز وحثّ مواطنيها على القراءة، بل ووضعها علي قائمة الاولويات داخل المجتمعات. فمفهوم القراءة يعتمد على التجدّد المستمر وعدم الركون، بل يجب أن تبقى مصاحبة لنا في شتى الأوقات وباختلاف أحوالنا وحتى في ذروة انشغالاتنا ، وفي اللحظة التي سنتوقف فيها عن القراءة ‘سنغرق’ في آتون الحياة.

تلك الجملة لازمتني حين روي لي الروائي العالمي طارق الطيب والذي يعيش في العاصمة النمساوية "فيينا" منذ مايزيد علي الربع قرن عن رحلات الكتاب الأوربيين بالقطار وعبر تنقلاتهم من ولاية الي اخري ينتهزون الفرصة لعقد حفلات توقيع اسبوعية لكتبهم داخل القطار يلتقون فيها بالجمهور ويتناقشون ويتبادلون ويتفقون ويختلفون في الرأي حول رواياتهم، وقبل كل رحلة يتم الاعلان عن الروائي او الشاعر او الفنان القادم حتي يتثني لجمهوره اللقاء به والاستفادة من تلك اللقاءات في تأصيل عادة القراءة والتشجيع عليها .ولايقف الامر عند ذلك فقط بل يصاحب تلك القاءات حركة بيع وشراء وحيوية كبيرة .

تلك الجملة راعتني حين اطلعت علي حال القراءة في امتنا العربية أمة "اقرأ" أول كلمة نزلت من القرآن الكريم وكانت كلمة ‘اقرأ’، فيقول الله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ورغم أنها اشارة ربانية لحرص الاسلام على جعل الفكر والثقافة والقراءة السبيل للايمان الحقيقي لكننا أمة لاتقرأ وان قرأت فمن يقرأون ثلة قليلة وأصحاب اجتهادات فردية بما جعل ثقافتنا عرضة لكثير من النواقص .

تلك الجملة افزعتني حين اطلعت علي الإحصاءات الخاصة بمعدلات القراءة في الوطن العربي مؤخرا ، والتي اعطت مؤشراً عن حجم تدهور الواقع الثقافي الذي تواجهه الدول العربية، خاصة عند مقارنة هذه الإحصاءات والمؤشرات بمثيلاتها في الدول الغربية.فمتوسط معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنوياً، وذلك بحسب نتائج خلصت إليها لجنة تتابع شؤون النشر، تابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر.

ويعتبر هذا المعدل منخفضاً ومتراجعاً عن السنوات الماضية، ففي عام 2003، وبحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو، كان كل 80 عربياً يقرأ كتاباً واحداً، بينما كان المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتاباً في السنة، ورغم الفارق الكبير في نصيب القراءة للمواطن العربي مقارنة بالأوروبي، إلا أنه يعتبر أفضل من الوقت الحالي، حيث تراجع إلى ربع صفحة فقط، وهو معدل كارثي.


تلك الجملة صدمتني حين اطلعت علي تقرير التنمية البشرية عام 2011، الصادر عن "مؤسسة الفكر العربي" والذي أشار إلى أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً، بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنوياً، وهذا يوضح لنا مدى الكارثة الثقافية والعلمية التي يعيشها المواطن العربي، مقارنة بمواطنين في الدول الأوروبية، كما يؤكد وجود هوة ثقافية شاسعة بين ثقافة المواطن العربي وثقافة المواطن الأوروبي.وسواء كانت النتيجة بالدقيقة أو بالصفحة أو بالكتاب، فكلها تؤدي إلى إثبات أننا في حاجة الي انقاذ عاجل لنقرأ ليست أي قراءة لكن نقرأ تاريخنا ..نقرأ حضارتنا ..نقرأ ماضي أمجادنا حين انارت الحضارة العربية عصور الظلام في أوروبا ..نقرأ حتي تصبح القراءة عادة أصيلة ..حينها فقط سنؤمن بمقولة "اقرأ وان كنت تغرق".
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 08-مايو-2024 الساعة: 03:00 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-837.htm