رائدات - زينب عيسي

الثلاثاء, 26-أبريل-2016
رائدات /بقلم :زينب عيسي -
كثر الضجيج مؤخرا عن حبس كاتب أو شاعر أو مواطن عادي بتهمة ازدراء الأديان أو الخروج عن التقاليد والحض علي الرزيلة ، وقد تواكب ذلك مع نشر بعض الروائيين كتبا تتناول الجنس بشكل فاضح (من وجهة نظر البعض)، وهو ما أثار جدلا كبيرا بين المصريين فهناك من ذهب بالقول بأن ما يحدث يدخل في بند تحجيم للحريات والحجر علي الرأي وهو ما يتنافي مع ما يقره القانون والدستور،بينما قال آخرون بحتمية معاقبة من يتناول الجنس صراحة في كتبه متهمين إياه بالتحريض علي الفسق والفجور،فيما خرج رأي ثالث بأن مايحدث هو نوع من الهاء الرأي العام عن قضايا أكثر خطورة وأشد فتكا من حديث عن قبلة بين بطل رواية وحبيبته (وليس زوجته) أو وصف دقيق لجسد امرأةأو كما حدث في رواية جديدة لكاتب مصري أثار حكم قضائي بشأنه زوبعة لم تهدأ إلا بعد أن طواها قليلا حدث أكثر إثارة ، حين وصف علاقة جنسية كاملة بين رجل وامرأة واعتبره البعض اقحاما لامبرر له في سياق الرواية ولايخدم الموضوع لامن قريب ولا من بعيد .

لن نسهب في الحديث عن توظيف تلك المواقف في سياق الدراما علي سبيل التندر لكن السؤال المهم هل ثقافة الاستهلاك و(التيك آوي)صارت المتحكم الرئيسي في سوق الأدب فصار بلا أدب ثم وما لبث وانتشر كانتشار النار في الهشيم في المجتمع كله.الأمر الآخر وهو رأي رابع من عندياتي لمسألة تحريم كل مايقترب من احدأضلاع الثالوث المقدس وهو "الجنس" والحقيقة أننا نتناول هذا الموضوع في بلادنا بصيغة (الحافظ وليس الفاهم) فقد جبلنا منذ نعومة أظافرنا علي أن حديث الفتاة عن جسدها حرام .وتناول أو تداول أية معلومات عن الجنس وان كان في اطاره العلمي محظور .. في حين يسمح للفتيات تدريسه (علي استحياء) في المدارس ضمن مادة علم الأحياء وكأنه "عيبة" ، وتلك الثقافة أي الكيل بمكيالين خلقت جيلا من الأبناء تعلم التلصص في الخفاء علي معلومة حول ذلك المحرم عليهم والنتيجة أنهم قد بحثوا عن ما يمدهم بتلك الثقافة وفي الغالب يكون إما صديق معدوم الخبرة والمعرفة، أو موقع اباحي علي مواقع التواصل الاجتماعي هو الرزيلة بعينها .

والحقيقة ان قضية مفهوم "العيب" في بلادنا مازالت تحبو في طريق العتق من الانغلاق العقلي رغم أن ديننا يحضنا علي الانفتاح علي شتي المعارف لنفرق بين الغث والثمين والحلال والحرام والعيب وما هو نقيضه ،والمشكلةوالمسئولية ايضا تكمن في القائمين علي الثقافة والمجتمع والمؤسسات الدينية فقد ورثنا تلك الأفكار ونحن أيضا من ندفع الثمن لاننا لم نتلقن ما هو مفهوم العيب الحقيقي حتي نتجنب ويلاته في ظل التناقض الواضح في التعامل مع هذا المصطلح، ومن يقومون علي التبصير بأهمية أن تنفتح الأجيال علي المعارف كلها دون استثناء لموضوعات محظورة مازالوا يحاربون في جبهات معدومة الأسلحة إلا من أفكار لاتجد لها مكانا سوي في عقول المستنيرين وهم قلة قليلة.

والسؤال الذي يفرضه الواقع كيف تجاوزنا القرن الحادي والعشرين ومازال هناك من يعتقدون أن مساعدة المرأة الغير محجبة حرام وغير واجبة ولاترد في قاموس تعاملاتهم ، بل وصل الأمر ان وقع حادث لفتاتين إحداهما محجبة والاخري غير محجبة وحين سارع المارة إلي نجدتهما قال احد الشباب المحجبة احق بالإسعاف من الاخري من يدرينا ربما تكون مسيحية او صاحبة ديانة أخري، هذا يحدث في بلادنا بالفعل جراء عدم تطبيق أبسط وأجل القواعد في القانون الإلهي والإنساني "الدين معاملة" فالعيب أن يري البعض أن المرأة ماهي إلا "ماعون" لا أهمية له سوي حفظ النوع وإنجاب الذرية ، ،فضلا عن ذلك رسخت نظرة بعض المحسوبين علي التيار الديني في السنوات الأخيرة لتصنيفات غربية علي شاكلة من تخرج عن الزي الإسلامي أو النقاب حلت عليها اللعنة ،أما صاحبة غطاء الرأس هي عنوان للعفة دون غيرها ولاتخرج منها "العيبة" وان كان ملبسها اقرب إلي لبس البالية وهو ما أصبحنا نراه من حولنا في كل مكان .

وللإنصاف مازلت الكثيرات لايرين في الرجل سوي وسامته وقدرته علي "التظبيط" وهو تعبير ابتلينا به بعد ان صرنا أعضاء في موسوعة "المصطلحات الروشة"،بل أصبح الرجل صاحب التجارب النسائية هو الأنسب لديهن أما صاحب الدين والخلق القويم صار عملة نادرة وهو ما فرضه قانون العيب الذي اختلف مفهومه لدي كثير من الأشخاص ممن يحتاجون الي تغيير تلك الثقافة التي تجذرت في نفوسهم جنبا الي جنب مع العقيدة وهي منهم براء.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 04:28 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-836.htm