رائدات - الثقافة الذكورية تنحاز للرجل وتنصح المرأة بالصبر

الثلاثاء, 29-مارس-2016
رائدات/ غزة - مريم الشوبكي -
تحملي، اصبري، احتسبي، أطفالك بحاجة إليك وإلا سيواجهون التشرد من بعدك، أن تكوني مطلقة سيحكم عليك المجتمع بالإعدام.. هذا ما تسمعه المرأة لتهوين ما يفعله زوجها مهما كبرت خطيئته، بينما يأتي الرد للزوج على أي خطأ من زوجته أن زوجتك تفتعل المشاكل، طلِّقها، وستجد الكثير من النساء يتمنين القرب منك.. هذا هو الانفصام المجتمعي عندما يتعلق الأمر بمشاكل الرجل والمرأة.

لماذا يجب أن تتحمل المرأة إهانة زوجها وظلمه لها، في المقابل ينصحه المجتمع بالزوجة الثانية، متى ستنتهي الثقافة المجتمعية الظالمة للمرأة والمنصفة للرجل؟!، لماذا تستمر المرأة في حياتها مع زوج سلب توازنها النفسي والمجتمعي والجسدي؟.

نظرة المجتمع


"عفاف" (34 عامًا) متزوجة منذ 20 عامًا، تعرضت لمختلف أصناف العذاب من قبل زوجها وأهله، ضربٌ وشتمٌ وتهديدٌ بحرمانها من أطفالها، والزواج بامرأة أخرى لكسر كرامتها، حسب قولها.

قالت لـ"فلسطين": "طوال سنين حياتي الزوجية لم أعش يومًا دون مشاكل وسب وضرب، واستغثت بأهلي لأتخلص من العذاب، ولكني لم أستطع البعد عن أطفالي الأربعة ورفضت طلب أبي تطليقي من زوجي".

وأضافت: "الكثيرات من حولي كن ينصحنني بالعودة إلى أطفالي والتحمل واحتساب الأجر عند الله، وسوف يعوضني الخير بهم حينما يكبرون، وأن أكون مطلقة في عمر صغير عارٌ سأراه في نظرة المجتمع من حولي، وسأتزوج رجلًا يكبرني بضعف عمري".

وتابعت: "ومرت السنوات وأنا أعمل بنصائحهم وأصبر، حتى أصابتني أمراض نفسية وجسدية أيضًا، وأندم على كل لحظة سنحت لي فيها فرصة الطلاق ولم أفعل، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لطلبت الطلاق في الشهور الأولى لزواجي".

المجتمع لا ينصف


أما "سهام"، وهي مطلقة منذ ست سنوات، تحدثت عن قصتها في العنف المنزلي قائلة: "تزوجت في صغري، لم أكن أعي معنى الزواج في عمر الخامسة عشرة، ووجدت مَن حولي يعاملونني كالخادمة، أقوم على أعمال البيت طوال النهار ولا يعيرون بالًا لحاجتي للراحة".

تابعت: "حينما كنت أتذمر كان زوجي يتهمني بأنني أفتعل المشاكل، وإن لم أكف عن النكد سيتزوج امرأة غيري ترعاه وتربي ابني، لذا كنت أتحمل ولا أشتكي لأهلي خوفًا من بطشه وزواجه من ثانية، لأن المجتمع ظالم ينصف الرجل على حساب المرأة".

وتمضي في حديثها: "وبعد 18 عامًا قررت الطلاق لأني وجدت أنني سأخسر نفسي، وفي النهاية لن ينفعني المجتمع إذا أصابتني الأمراض، فالمجتمع هو سبب مشاكل ضعف المرأة لأنه لا ينصفها، ولا ينصح الرجل بأن ينصف زوجته ويعاملها بالحسنى بل ينصحه بالزواج من أخرى ويلوم المرأة دائمًا".

ثقافة ذكورية

في ذات السياق، قال أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى درداح الشاعر: إن الثقافة العربية هي ثقافة ذكورية، وتؤثر على مسلكيات الرجال وتجعله يظنّ أنه أرقى من المرأة، وبالتالي ينظر للمرأة نظرة دونية.

وأضاف الشاعر لـ"فلسطين" أن النظرة الدونية للرجل تجاه المرأة يتبعها مجموعة من التصرفات من منطلق قوة وممارسة دور "سي السيد"، ويقتنع أنها هي التي يتعيّن عليها أن تصبر وتحتسب لضعفها وحرصها على أبنائها.

وعن الحدود التي تتوقف عندها المرأة رافضة لظلم زوجها، بيّن: "أمام الأذى البسيط الذي يمكن أن تتحمله حفاظًا على بيتها وأطفالها عليها أن تصبر وتتحمل، لأن المرأة دائرتها الاجتماعية أضيق من الرجل، فهي إن طُلقت ستواجه ظلمًا مجتمعيًا، أما الرجل فدائرة اختياره أكبر، والثقافة المجتمعية يمكن أن تنصفه أكثر"، مؤكدًا: "أما إذا تعرضت المرأة لأذي نفسي وجسدي خطير من قبل زوجها، عليها أن تتخلص منه ولا تنتظر".

صياغة مجتمعية


وأوضح الشاعر: "ليس شرطًا أن تتحمل المرأة الأذى حفاظًا على أطفالها، ولا أن تنتظر لسنوات على أمل أن يتغير الزوج، فالأولى أن تتخلص منه إذا ما تعرضت للخطر النفسي والاجتماعي والجسدي، وهي مخيرة، فطلاقها ليس نهاية العالم بل يمكن أن يرزقها الله بزوج أفضل منه".

كيف يمكن للمجتمع أن يكون منصفًا في نصح الرجل والمرأة على السواء؟ أجاب الشاعر: "نصح المجتمع لن يكون منصفًا إذا لم يكن هناك قانون يلزم الرجل من الناحية الشرعية، لكنه يحتكم للعادات والتقاليد ويلتزم بها، وهي ثقافة وموروث ضخم رسخت بمرور السنوات هذه الأفكار".

وبيّن: "يجب إعادة صياغة هذه الثقافة المجتمعية، بوجوب تكريم المرأة وتقديرها واحترامها، سواء عبر الأسرة أو الإعلام أو المدرسة أو المسجد".
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 08:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-773.htm