رائدات - كسائر دول العالم تحتفل القارة السمراء باليوم العالمي للمرأة، من خلال  نماذج عديدة لمناضلات افريقيات وصلن الي قمة النجاح بفضل صمودهن والروح القتالية العالية التي يتمتّعن بها. هن سيدات و شابات سلكن درب الالتزام الشخصي والاجتماعي والسياسي، همهن الوحيد الرقي بمجتمعاتهن.

الثلاثاء, 08-مارس-2016
رائداتِ / القاهرة -
كسائر دول العالم تحتفل القارة السمراء باليوم العالمي للمرأة، من خلال نماذج عديدة لمناضلات افريقيات وصلن الي قمة النجاح بفضل صمودهن والروح القتالية العالية التي يتمتّعن بها. هن سيدات و شابات سلكن درب الالتزام الشخصي والاجتماعي والسياسي، همهن الوحيد الرقي بمجتمعاتهن.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، رصدت "رائدات " قصص ناجحة لسيدات تحدين الظروف والمجتمع وعوامل الإحباط والاعاقة والفقر حفرن اسمائهن بحروف من ذهب في كتاب التاريخ الإنساني، من هؤلاء:
- الغينية إيسا سي (28 عام):
طالبة في الصيدلة تدرس بإحدى جامعات العاصمة كوناكري.. ملامح تبدو غير استثنائية بالمرة بالنسبة لفتاة عادية، هي حالة "خاصة" على جميع الأصعدة، فقد ولدت دون أطراف تقريبا، جراء عيب خلقي، وهذا ما سبّب لها إعاقة بدنية جعلتها عاجزة عن التحرّك بشكل طبيعي، غير أنها لم تسلبها الإرادة الفولاذية التي تنضح بها كلماتها وإصرارها على النجاح
وبنبرة تنبض فخرا، تحدّثت إيسا عن حياتها.. "بدأت الدراسة عام 2000 ، أي في سن الـ 13. وفي المدرسة الإعدادية، وجدت نفسي مضطرة لمغادرة مقاعد الدراسة، بسبب مشاكل مادية بعد وفاة والدي، غير أنه وبفضل دعم وتشجيع عدد من المحسنين، واصلت تعليمي. وفي 2015، اجتزت امتحان الباكالوريا (شهادة ختم التعليم الثانوي)، وتمكنت من بلوغ عتبة الجامعة".
تنقّل إيسا ليس بالأمر الهيّن، فذراعاها المرتكزتان على عكازين وأرجل مرنة متوجّهتان نحو الخلف، لا يشكّلان سندا قويا لحمل جسمها ومساعدتها على المشي. فالشابة تقصد كوناكري يوميا على متن دراجة ثلاثية العجلات (مخصصة لذوي الإعاقة)، وتضطر إلى قطع مسافة 5 كيلومترات تفصلها عن الجامعة. وفور وصولها، تستند على السلم لتزحف حتى الطابق الرابع من أجل حضور الدروس.
معاناة يومية لا تنتهي عند هذا الحد، تقول إيسا، فعند بلوغ القاعة "أضع الدفتر على فخذي لكتابة ما يمليه الأستاذ، غير أنني أعجز عن مسايرة إيقاعه فأضطر، في كثير من الأحيان، لاستعارة دفاتر زملائي ونسخ الدروس في المنزل".
"أن تكون معاقا"، تضيف : "لا يعني التسول أوتوسّل عطف الآخرين، لا أريد أن تكون إعاقتي عبئا على عائلتي، ولذلك سأواصل رحلة كفاحي، وطموحي هو استكمال دراستي لأصبح صيدلانية تتولى رعاية عائلتها، كما أطمح كذلك كبقية النساء المسلمات، إلى تكوين بيت لي وأسرة صغيرة".
قصة نجاح إيسا سي لفتت أنظار الغينيين وبلغ صداها سلطات البلاد، حيث تمت استضافتها كضيفة شرف في القصر الرئاسي بكوناكري لتكريمها، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
- الإيفوارية الحاجة مريم كوليبالي (62 عاما):
هي شخصية معروفة في الأوساط المجتمعية في بلدها كوت ديوار، حيث ترأست العديد من الجمعيات المحلية ذات البعد الإنساني والاجتماعي. ومنذ عام 2014، تولت قيادة إتحاد المرأة المسلمة في كوت ديفوار، والذي تأسس في العام 2000.

"انطلقت في العمل المجتمعي مدفوعة بحب جارف لهذا المجال"، تقول الحاجة مريم، و"لكن أيضا، من أجل التعايش والتماسك الاجتماعي في كوت ديفوار. وكان لي رغبة في مساعدة النساء، وتعزيز القيم الدينية، والمساهمة في المصالحة الوطنية، وتعزيز السلام والتماسك الاجتماعي؛ ودعم النساء والأطفال، وأيضا من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر إنشاء هياكل اجتماعية وتربوية وتنفيذ مشاريع صغيرة للطبقات الاجتماعية المحرومة".
واستعرضت مريم كوليبالي سلسلة الانجازات التي تفخر بتحقيقها خلال مسيرة سنوات في العمل الجمعياتي، فالإتحاد "وفر الإمكانيات المادية للسيدات المسنات لأداء مناسك الحج. وساعدت نحو 30 شابة مسلمة لتعلم الشرع والدراسات القرآنية في تركيا. وخلال شهر رمضان، قدمنا الطعام للنساء الفقيرات".
كما شدّدت، في السياق ذاته، على أنّ التوجه الإسلامي للاتحاد لا يمنعه من "الانفتاح على الجميع"، وفق الحاجة مريم، التي أعربت أن "الجمعية تساعد السجينات في كوت ديفوار من خلال تقديم المساندة، وتحسس النساء على ضرورة تعليم أبنائهن، وتدعم الأرامل والمسنات، بغض النظر عن ديانتهن".

- البوركينية فاطوماتا سوراتيي (32 عاما).. هي إحدى الوجوه التي ثارت، بل كانت في الصفوف الأمامية للإحتجاجات التي قادتها، في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، منظمة "مكنسة المواطن" غير الحكومية، بمعية عدد من الهيئات الاسياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتي انتهت بالإطاحة بـ 27 عاما من حكم الرئيس البوركيني الأسبق بليز كمباوري.

وعقب رحيل كمباوري، انخرطت الشابة في حملة جديدة تحت شعار "صوتك بعد الثورة"، لحثّ البوركينيين على الذهاب إلى صناديق الإقتراع بكثافة لاختيار ممثّليهم في البرلمان ورئيس بلادهم. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، نزلت إلى الشوارع من جديد لمعارضة محاولة انقلاب كادت أن تعصف بالمؤسسات الانتقالية وتعيد البلاد إلى المربّع الأول.
أما عن اليوم العالمي للمرأة، فأشارت إلى أنه "سيكون من الرائع أن ترتدي جميع النساء ملابس منسوجة من قطن من إنتاج مزارعي بوركينا فاسو".
- الكونغولية سالاماتي موتاسا (25 عاما) .. تماسك اجتماعي لتحقيق طموحات سياسية
شابة لم تتجاوز الـ 25 عاما، لكنها تحمل في جرابها تجارب مهنية عديدة.. فهي المرشحة المسلمة الوحيدة في مدينة "بيني" شرقي الكونغو الديمقراطية، وأصغر المترشحين لانتخابات المجالس الجهوية، المقررة في شهر أبريل/نيسان القادم، في شمال كيفو (شرق).
سلاماتي موتاسا الحاصلة على شهادة في القانون الخاص، تخرجت، عام 2014، من جامعة سبروماد الواقعة في مدينة بيني، والتي تمثلها في الانتخابات المحلية عن حزب "حركة تحرير الكونغو" (المعارض).

ورغم صغر سنها، إلا أنها قطعت شوطا طويلا في طريق النجاح، تولت خلاله عدة مناصب إدارية، وأسست منظمة "العمل من أجل السلام"، غير الحكومية، بهدف تقديم خدمات إلى شباب بيني. الشابة تقلدت، كذلك، منصب الأمينة التنفيذية لمنظمة النساء المسلمات في المدينة، والتي تسعى لإيصال صوت المرأة المسلمة، قبل أن تشغل منصب كاتبة في محكمة السلام في "بيني".
وبخصوص دوافعها للترشح لانتخابات مجالس المحافظات، قالت سالاماتا"لاحظت أن النساء المسلمات غير ممثلات في مجلس مقاطعة شمالي كيفو، كما أنّ المرأة غير ممثلة بشكل عام بما يكفي في مواقع صنع القرار في الكونغو الديمقراطية، الأمر الذي دفعني للترشح".
الأمور ليست سهلة بالنسبة لها، "نظرا لصغر سنها"، ونظرات الناس التي تقلل من شأنها وطموحاتها.. "الكثير يذكرنني بأنني مازلت طفلة على تحمل مسؤوليات سياسية"، تقول، مشدّدة، مع ذلك، على أنها عاقدة العزم من أجل إثبات أن المرأة قادرة على تمثيل السكان كنائبة.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 04:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-657.htm