رائدات - امل الرندي

الأربعاء, 02-مارس-2016
رائدات/بقلم : أمل الرندي* -

لست من عشاق مباراة كرة القدم، ولا من هواة المستطيل الأخضر، أو من مشجعي النوادي العالمية، لكن مباريات «دوري أبطال أوروبا» مشتعلة هذه الأيام، تلهب مشاعر جمهورها الملهوف، وتأسر أحاسيس الكبير قبل الصغير، لا أنكر أنها جذبت نظري، وشتّتت تركيزي على الكتابة، وجعلتني أتابع حركة الكرة بين الأقدام على غير عادتي!!

المهارات العالية للاعبين مبهرة، وفي مقدمتهم «ميسي» اللاعب الأرجنتيني، الذي يمتلك مهارات تنبض بالذكاء، وكأن لعبة الكرة أغنية يغردها، أو سيمفونية هو قائدها. ليس في فنه مزاح، فملامسته للكرة مؤشر إنذار لهدف ممتع ومؤكد.. هكذا هو السحر الحلال!!

لم يقتصر سحر «ميسي» على ملعبه، إنما تعداه إلى ملعب الحياة، وكان بطلاً في إنسانيته، فمنذ أيام حقق حلم الطفل الصغير «مرتضى أحمدي»، الافغاني ذي الخمسة أعوام، صاحب القميص البلاستيكي، الذي كتب عليه بخط طفولي رقم 10 واسم «ميسي»، لإعجابه الشديد بهذا البطل. فإذا لم تطل يد مرتضى شراء قميص حقيقي، فإن حلمه «البلاستيكي» البريء كان من شأنه أن يشعل مواقع التواصل الاجتماعي، حتى علم «ميسي» بمعجبه الصغير هذا فبادر بإهدائه قميصاً يحمل رقميه في منتخب الأرجنتين وفريق برشلونة، موقعين منه برسالة خاصة. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف» أن «ميسي» أرسل للطفل أيضا كرة قدم حتى يتمكن من ممارسة هوايته المفضلة.

حقا البطولة لا تتجزأ!

يبدو أن قمصان نجوم كرة القدم، سحرية، تغسل قلوب الأطفال من الأحزان، وتجعلها ناصعة بالفرح، حتى في اللحظات التي يهجم عليهم غراب الموت، لينهش طفولتهم الحالمة، تجدهم متمسكين بمتعتهم في تلك الحياة. فذاك الطفل اللبناني «حيدر مصطفى» ذو الثلاثة أعوام، الذي فقد والديه في تفجيري «برج البراجنة» في الضاحية الجنوبية لبيروت في نوفمبر الماضين وأسفر هذا الفعل الدموي عن مقتل 44 شخصاً، كان حيدر أحد الناجين من هذا الهجوم الوحشي، وقد نشرت صورته ووجهه ملطخ بالدماء والجراح، مرتدياً قميص «كريستيانو رونالدو»، فإذا هم جرحوا جسده الهزيل، فإن روحه النضرة تضج بالحياة، لتتشبث بما تحب بقوة، وهذا ما دفع النادي الملكي إلى أن يحقق أمنية هذا الطفل الهارب من الموت، بلقاء نجمه المفضل «رونالدو» نجم ريال مدريد، في صالة اجتماعات «سانتياغو برنابيو» وإهدائه قميص الفريق مع توقيع نجمه، وكأن ذلك سقط عليه من السماء، ليغرس البهجة في قلبه الصغير الحزين!

اللفتات الإنسانية لأصحاب الأقدام الذهبية ثرية ومتنوعة، وتؤكد أنهم ليسوا مبهرين بـ«رقصهم» في المستطيل الأخضر فقط، بل أن قلوبهم أيضاً خضراء، تنثر الخير والجمال أينما حَلّت، لتنبت الفرح في نفوس الأطفال والكبار من محبيهم. كأن «رونالدو» و«ميسي» يجسدان مقولة الأم تيريزا:

«لا تترك أحداً يأتي إليك ثم يذهب بدون أن يصبح أكثر سعادة».

* كاتبة كويتية

Amal.randy@yahoo.com
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 29-مايو-2024 الساعة: 07:06 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-634.htm