رائدات - نوف العماري أول عربية تشغل منصب محلل برامج في الأمم المتحدة

الإثنين, 22-فبراير-2016
رائدات/ الكويت: رندى مرعي -
بين المغامرة والرغبة في التغيير، وجدت نفسها نوف العماري في فترة لا تتجاوز الشهر ونصف الشهر في سنغافورة موظفة في المكتب العالمي لتميز الخدمات العامة التابع للأمم المتحدة لتكون ليست فقط الكويتية الاولى بل العربية الأولى التي تتسلم هذه الوظيفة.
تخرجت نوف في كلية الحقوق في جامعة الكويت وعملت لمدة ١١ سنة في وزارة النفط في قسم الشؤون القانونية كباحث أول قانوني، وكانت مسؤولة عن العقود والاتفاقيات النفطية.
لم تكن تفكر نوف في الابتعاد عن بلدها أو أهلها إلا أنها كانت كأي امرأة طموحة ترغب في تغيير وظيفتها كي تجرب مجالات عمل أخرى وتختبر نفسها فيها، ولكنها لم تكن تسعى لمثل هذه التجربة.
وتروي نوف كيف حصلت على هذه الوظيفة، فالكويت ومن خلال المجلس الأعلى للتخطيط عرضت برنامجا تدريبيا تحت مظلة الأمم المتحدة «برنامج الموظفين المحترفين» وقد شاركت فيه وجاءها القبول في المركز العالمي لتميز الخدمة العامة في سنغافورة والتابع للأمم المتحدة لتشغل منصب محلل برامج مجال المنطقة العربية، وتقديمها على هذه الفرصة كان مجرد تجربة بالحظ، ففي يوم عمل عادي رأت الإعلان على الإنترنت ووجدت ان شروط هذه الوظيفة تتوافر فيها وسيرتها الذاتية جاهزة، فقامت بإرسالها من باب المغامرة والرغبة بالتغيير.
وبعد نحو شهر ونصف الشهر جاءها اتصال من مكتب الموارد البشرية في الأمم المتحدة من كوبنهاغن يخبرونها به بأنه تم قبولها وبعدها سارت الأمور بشكل مفاجئ ومتسارع لتجد نفسها بعد فترة وجيزة على رأس عملها في سنغافورة.
وهذه المرحلة كانت انحرافا جديدا في حياتها المهنية فالانتقال للعيش لمدة سنتين في بلد جديد وطبيعة عمل مختلفة وطبيعة الحياة بحد ذاتها مختلفة.
لم تكن تعلم نوف حجم التجربة التي قدمت بياناتها عليها من باب الحظ والمغامرة، فطبيعة العمل في سنغافورة هي شراكة بين الأمم المتحدة وحكومة سنغافورة والعمل من خلال تطوير الخدمات العامة في مختلف الدول، والمفاجأة كانت ان نوف هي اول امرأة عربية صنفت في تاريخ الأمم المتحدة للعمل في مكتبها في سنغافورة ولم يسبق لأي امرأة أو رجل عربي العمل في هذا المكتب.
فرصة وصول نوف إلى هذا المنصب كانت لأن المكتب اراد التوسع في خدماته للدخول الى الدول العربية بعدما كان يغطي دول آسيا وافريقيا ومن أجل دخوله للشرق الاوسط اراد موظفا يتقن اللغة العربية والانجليزية ولديه سيرة ذاتية تخدم المنصب الذي سيعمل به.
كما أن من شروط القبول كان ان يكون الموظف حاصلا على شهادة قانون كي يسهل عليه صياغة الاتفاقيات والمذكرات واعطاء التحليل لطبيعة الوضع العربي ووضع المنطقة التي يغطيها وهذه المواصفات توافرت في نوف التي وقع عليها الاختيار لتولي هذا المنصب.
اليوم نوف مسؤولة في مكتب سنغافورة عن الدول العربية كونها تتكلم اللغة العربية.
ويعمل المكتب من خلال بعض المبادئ كالقيادة والتحفيز والابداع والابتكار في مجال الخدمات العامة وسبب الشراكة مع حكومة سنغافورة هو انها كدولة تعتبر من الاوائل في تقديم الخدمات العامة وأرادت ان تطبع هذه التجربة على بقية دول العالم من خلال المكتب بالأمم المتحدة والذي يتخذ من سنغافورة مقرا له.
لذا فإن طبيعة عمل نوف هي تقديم نموذج عن وضع الدول العربية حاليا، فعلى سبيل المثال احاول تقديم اطر تعاون بين المكتب ودولة الامارات أو قطر فهي تعتبر حلقة وصل ما بين المكتب وهذه الدول من خلال المكاتب المحلية التابعة للأمم المتحدة الموجودة فيها.
عقد العمل مدته سنتين وبعدها يكون للموظف الخيار اما ان يعود لبلده ويستثمر الخبرة التي اكتسبها في الخارج واما ان تعرض الأمم المتحدة التعاقد معه ليكون موظفا رسميا لديها وهذا القرار لم افكر فيه حتى الآن، وفيما لو اخترت خيار الأمم المتحدة قد يتم ترشيحي للعمل في بلد آخر غير سنغافورة وهذا تحد آخر.
أما التحديات التي واجهتها فكان التخوف من طبيعة البلد فلم تكن تعرف طبيعتها، وهذا الامر أثار تخوفها هذا عدا عن عدم فهمها لطبيعة العمل فهي لم تكن تعلم ماذا ينتظرها وما هو حجم المهام الذي ينتظرها؟.
ولكن هذه التجربة بعثت فيها الهدوء الداخلي وعلمتها كيفية التروي والتخلص من القلق الداخلي ما ساعدها في توجيه طاقتها الداخلية بالشكل الصحيح.
هذا عدا عن تكوين عالمها الخاص بها واصبحت صديقة لنفسها اكثر واستعادت احدى افضل هواياتها وهي الكتابة فوقتها في الكويت كان مليئا بالنشاطات التي ابعدتها عن هوايتها ولكن وجودها في سنغافورة اعادها لنفسها وعلمها كيف تتفرغ لها.
كانت سعيدة جدا في نقل صورة الدول العربية والثقافة العربية والاسلامية ما ساعد في تغيير نظرة العديد من الناس الذين عملت معهم في المكتب وعاشت بجانبهم وكانت لديهم فكرة مغلوطة عن العرب والمسلمين.
فوجودها في سنغافورة لم يبعدها عن العمل التطوعي والانخراط في المجتمع وحضور بعض الاحتفالات سواء عن طريق السفارة الكويتية أو السفارات الشقيقة الامر الذي وصلها بأفراد المجتمع ما حقق لها الفرصة للتعرف على الناس عن قرب واكتشفت ان ما يصلهم عبر الإعلام افكار مغلوطة جدا.
لا تشعر نوف ولو للحظة بالندم على هذه الخطوة بل كانت سعيدة بها جدا ولكن ابتعادها عن اهلها كان الخطوة الأصعب فهي المرة الاولى التي ابتعدت فيها عنهم إلا أن عيشها في مجتمع ودود لم يشعرها بالغربة.
ومن خلال تجربتها تقول نوف لكل فتاة كويتية وعربية لا تستصغري حلمك مهما كان ولا تضعي العوائق لنفسك وان تثقي بحلمك وبأوان تحقيقه فأنت لا تدرين متى تكون تلك اللحظة.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 09:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-600.htm