رائدات - سناء أبو شرار

الإثنين, 20-يوليو-2015
رائدات/ بقلم : سناء أبو شرار ... الاردن -
لتعرفي إن كان يحبك أم لا أطرحي على نفسك الأسئلة التاليه: كم مرة شعرت بالسعادة معه؟ كم مرة بكيت بسببه أو لأجله؟ كم مرة شعر بالقلق لأجلك: كم هدية قدم لك؟ كم مرة شعرت بأنه صادق أو كاذب؟ أسئلة كثيرة تدور حول كلمة "كم" والإجابة لابد أن تكون رقمية، ولنعتبر أن العلامة النهائية مائة؛ إن كانت إجابتك أدنى من الرقم الوسط خمسون فلابد أن تفكري بهذه العلاقة وبجدواها؛ إن كانت بحدود الوسط فلابد أن تُحسني من هذه العلاقة وإن لم تتحسن أن تستغني عنها؛ وإن كانت فوق الوسط فلابد أن تتمسكي بها.
هذا جزء من العملية الحسابية، وهناك جزء آخر: كم عملية تجميلية قمت بها لإرضاء زوجك أو انسان يهمك أمره؟ كم مبلغ من المال أعطيت لذلك المعشوق كعربون المحبة؟ كم قرض إستدنت من البنك لأجله أو كفلته بقرضٍ ما؟ وكم من الدموع ذرفت في الليالي لأنه لم يتصل بك أو لأنه لم يتقدم لطلب يدك للزواج؟ وكم من الأمراض راكمت في جسدك لأجل رجل لا يستحق حتى مجرد التفكير به؟
أجل، الحب مسألة حسابية رقمية علمية وبإمتياز؛ ولابد أن نعلم فتياتنا هذه الحقيقة وإلا سيكبرن ويكررن نفس الأخطاء. قالوا لنا سابقاً بأن أمور الحب لا تُقاس بالأرقام ولكنها الآن أصبحت عملية حسابية؛ ولكي تعرفي أين أنت من المعادلة الحسابية لابد أن تحسبي النقاط جيداً وأن تجمعي وتطرحي ثم ستحصلي على نتيجة لن يمنحك مثلها أي عراف أو مفسر أحلام ولا نبؤة أمك أو صديقاتك.
هناك حالة واحدة يمكن أن نلغي بها كلمة "كم" وهي حين يكون الرجل صادقاً وفياً أميناً حافظاً لعهده متقياً لربه، لا يخادع بمشاعره ولا يتنقل من امرأة لأخرى إثباتاً لرجولته ولا يلهث وراء امرأة وحين يحصل عليها يزدريها؛ ولكننا ورغماً عنا نعود من جديد لكلمة "كم" فكم من الرجال يمتلكون هذه الصفات؟
في زمننا المعاصر، على المرأة أن تُعيد حساباتها مع الرجل، فعوضاً عن مطالبته بالحقوق والمشاعر والإهتمام، لابد أن تقف موقف ناضج مع نفسها وأن تدرك أنها بزمن مختلف "معاصر" وليس بالضرورة حضاري؛ وأنه من الصعب أن تجد رجل بمواصفات والدها بمسؤوليته وصدقه؛ عليها أن تروض نفسها على حقيقة أن الرجل تغير وأن لديه عشرات الخيارات، نساء من جميع المستويات المادية والأخلاقية والعلمية على أرض الواقع وكذلك على شاشة الكمبيوتر؛ وعليها أن تحذر من أن تقدم للرجل أكثر مما يستحق، لأنها كلما قدمت له وهو لا يستحق، كلما إستهان بها، لابد أن تحافظ على كينونتها الداخلية وأن تلغي نظرتها بأن الحياة لا تستقيم بلا رجل؛ الحياة لا تستقيم برجل مخادع كاذب، ولكنها تستقيم مع الكرامة وألا ترضى المرأة لنفسها إلا حياة كريمة مع رجل يحمل ولو بعضاً من صفات الرجولة.
بقدر ما فُتحت الأبواب للمرأة في الحياة العملية والعلمية بقدر ما يتطلب ذلك منها الحذر والروية والعقلانية والحكمة وإلا كانت فريسة سهلة عاطفياً ومادياً؛ فالأسوء من قسوة قلب رجل هو إنحدار الأخلاق وتجاوز الخطوط تحت ذريعة أن العالم أصبح قرية كبيرة؛ العالم ليس قرية كبيرة، فكل منا عالم بحد ذاته، عالم يحمل به قيمة وسلوكه وأفكاره ومشاعره، وكل منا يُحاسب أمام الله تعالى فرداً ولن تُقبل ذريعته بأنه أخطأ لأن قريته الكبيرة كانت تُخطيء.
إستمعي كما تشائين لشعر الحب والعشق، ولكن لا تخلطي بين أحلام الشعراء وأرقام الواقع؛ وأعلمي أن الرجل لا يعشق من تهيم به، ولا يتعلق بمن تتشبث به، بل يعشق من هن بعكس ذلك، من ترى الحياة أولاً ثم نفسها ثم هو؛ فأجعلي مساحة الشعور هادئة بل وربما باردة، ومساحة الفكر نشطة بل وربما حادة، كي تكون لك حياة خاصة بك وإن كان هناك رجل ما بها، أن يكون جزء من هذه الحياة لا كلها؛ حينها فقط سيحبك ويتمسك بك؛ وحتى لو أحبك حباً كبيراً لا تركني لهذا الحب ولا تعتقدي أنه أبدي، عودي للأرقام وراجعي حساباتك – ليس حسابات مادية فقط بل عاطفية وإجتماعية ونفسية- بكل يوم أو شهر أو سنة كي لا تنهشك الصدمات لأنها تتناقض مع الحسابات.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 07-مايو-2024 الساعة: 06:32 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-572.htm