رائدات - تحديات المرأة في تولي المناصب الإدارية العليا

الإثنين, 13-يوليو-2015
رائدات -
لماذا تجد المرأة صعوبة في الوصول لتقلّد مناصب عليا؟ ولماذا يتطلب التغيير وقتا طويلا؟
اعتمدت أوروبا على أسلوب المحاصصة من أجل تحقيق التوازن بين الجنسين في مجالس إدارة الشركات، وذلك بهدف زيادة تمثيل المرأة في الإدارة. ولكن الحقيقة تبقى في أن التمثيل النسائي على مستوى العالم لا يزال نادرا بصورة مثيرة للجدل على صعيد إدارة الشركات.
يعد التمييز بحسب الجنس أمرا غير قانوني في الولايات المتحدة، ففي حزيران (يونيو) 2014 أفادت مجلة "فورتشن"، بأن نسبة تقلّد المرأة لمناصب تنفيذية عليا وصلت إلى مستوى تاريخي بنسبة تصل إلى 4.8 في المائة ووصفت ذلك بأنه "تقدم كبير"، ففي عام 1998 كانت تدار شركة واحدة فقط من قائمة أكبر 500 شركة من قبل امرأة. ولكي نكون أكثر دقة، يعد أي تغيير إيجابي تقدما بارزا خاصة عندما يبدأ المرء من الصفر.
حتى في الدول الاسكندنافية التقدمية على الصعيد الاجتماعي يبقى حضور المرأة غير كافٍ، إذ تكشف دراسة أجريت أخيرا أن 3 في المائة فقط من مجموع 145 شركة كبرى تعمل في السوق الاسكندنافية تديرها امرأة. وينطبق الشيء نفسه على فرنسا. وعلى ما يبدو يطرح السؤال ذاته في جميع أنحاء العالم، لماذا تواجه المرأة كثيرا من العقبات خلال مسيرتها لتقلّد مناصب عليا؟
الدافع من كتابة هذا المقال هو النتيجة الصادمة التي أظهرتها الأبحاث أخيرا، التي سلطت الضوء على الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة سواء من خلال التحيزات (في الوعي واللا وعي) ضد المرأة من كلا الجنسين، والتوقعات العالية لأداء الذكور في العمل، وعدم وجود الرعاية الكافية للمرأة. وتشكل هذه الحواجز حلقة مفرغة تلعب دورا كبيرا في بقاء المرأة بعيدة عن تقلّد المناصب العليا.
نشرت "كلوديا غولدين" أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفرد، العام الماضي دراسة دقيقة تبين أنه في أغلب المهن وفي التخصص الوظيفي نفسه، تتقاضى المرأة أجرا أقل من الرجل بمعدل 25 في المائة. الأمر اللافت في هذا البحث هو ثبات الفجوة في الأجور على مدى العقد الماضي. وكذلك محاولة إسكات أي صوت يعلو بشأن تقاضي المرأة أجورا منخفضة. هذا يفسر 15 في المائة فقط من هذه الفجوة وفقا لـ"غولدين". ولكن الأسوأ من ذلك، تميل الفجوة إلى أن تصل إلى أعلى مستوياتها بنسبة 35 في المائة في القطاع المالي، وفي المقابل تبلغ 11 في المائة في مجال التمريض.
أكدت دراسة علمية أخرى أجراها كل من، "ديساي" و"تشاغ" و"بريف" عام 2014، على الدور السلبي الذي يلعبه الرجال أصحاب السلطة على الترقية والتطور الوظيفي في معظم الشركات. حيث أشارت النتيجة (من عينة اختبار شملت الأعمار المختلفة في المناطق الإنجلوسكسونية) إلى أن زوجات الرجال اللواتي يعملن كربة منزل يملن إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تعوق التطور الوظيفي للمرأة المؤهلة لذلك.
وعلى الصعيد ذاته أجرى كل من "روبن" و"سابينزا" و"زينغاليس" اختبارات، حيث طلبوا من "أرباب العمل" توظيف أشخاص للقيام بالمهام الحسابية، ولاحظوا أنهم يفضلون اختيار الذكور الأقل مهارة على حساب النساء من ذوي الخبرة والاختصاص. وفسروا ذلك أن المرأة ليست جيدة في الرياضيات. هذا التحيز الجماعي غير الموضوعي (من قبل الأغلبية العظمى من الرجال والنساء) الذي يتجاهل الحقائق، يساعد على فهم سبب عدم تقلّد أي امرأة لمنصب قيادي في مختبر الفيزياء الدولي "سيرن" ومقره جنيف، وسبب انخفاض نسبة شغرها لمنصب عالٍ في الأبحاث إلى ما دون 7 في المائة، وكون المرأة تشغل 17 في المائة فقط من مجموع الموظفين الأكاديميين.
بالطبع "سيرن" لا تتحيز ضد المرأة صراحة، ولكن العقلية الجماعية تؤمن في الوعي واللا وعي أن المرأة أقل شأنا في الرياضيات. حتى عند تقديم المرأة لأوراق اعتمادها بدرجات متميزة في الرياضيات (لا يتم اختيار المرشحين في شركة كيرن بشكل عشوائي، بل يجب عليهم تقديم أوراق اعتماد، لذلك لا يجب أن يكون هناك تحيز)، يبقى عليهن مواجهة الأحكام السلبية الضمنية ضدهن - في حين يستفيد الرجال من الأحكام الضمنية المعاكسة في مصلحتهم.
تعد طبيعة التحيزات التي تواجهها المرأة في العمل مماثلة وواسعة الانتشار شأن التحيزات الأخرى. فعلى سبيل المثال، التحيزات التي يواجهها الأشخاص المسلمون بسبب الربط بصورة متكررة بين الإسلام والإرهاب الأصولي. وبالمثل، هناك العلاقة العميقة وغير الواعية التي كونها ضباط الشرطة في الولايات المتحدة بين الأشخاص السود وتهديد الحياة بالخطر، التي تختلف بشكل جوهري عند المواجهة مع شخص أبيض.
تعزى المعاملة غير العادلة للمرأة إلى تحيزات عقلية ذات صلة بعلاقتها بالأرقام، ولكن هناك أيضا قضية تباين المسارات الوظيفية.
غالبا ما يكون المسار الوظيفي للرجل على الشكل التالي، يكتسب الرجال خبرة مهنية من ثلاث إلى خمس سنوات قبل حصولهم على درجة الماجستير في سن الثلاثين، ثم يعرض عليهم منصب قيادي في عمر 35 عاما، ويكتسبون خبرة دولية قبل توليهم لمنصب قيادي كبير ما بين 40 و45 عاما، ويتقلدون منصبا تنفيذيا ما بين 45 و50 عاما. وأصبح هذا المسار بمنزلة نهج للجميع.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 01:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-546.htm