رائدات - نساء الريف .. حرف يدوية تحتفظ بأصالة الماضي

الثلاثاء, 03-أبريل-2012
شبكة رائدات -
تزاول المرأة الريفية عدة حرف يدوية تساعدها على توفير متطلبات المعيشة ،وتبتكر هذه الحرف أويتم تفعيلها تماشيا مع حاجة القرية ومتطلباتها فضلا عن توفر المواد الاولية اللازمة للصناعة. وبالاض افة إلى جمال وأهمية المواد التي تصنع في الريف فأنها تعد مصدرا مهما من مصادر حماية التراث العراقي القديم. ومن الحرف اليدوية التي تزاولها المرأة الريفية هي صناعة السلال والمكانس والإطباق وأغطية الارضية (الحصير) فضلا عن صناعة التنور الطيني والخياطة والغزل وجني المحاصيل وغيرها.ويختلف انتشار هذه الحرف من قرية إلى أخرى تبعا لتوفر متطلبات العمل وحاجة السكان لها.

تعد عملية بناء أو صناعة (التنور الطيني) من الحرف الصعبة التي تتطلب جهداً ووقتا لإكمالها فضلا عن أنها تحتاج إلى جو حار لذا نلاحظ أنها تكثر في فصل الصيف على عكس الحرف الأخرى التي يمكن مزاولتها في أي موسم من مواسم ألسنة. يشترك جميع العائلة ألسيدة أم مشتاق في بناء التنور وذلك لأنه يتطلب جهدا كبيرا لاتستطيع ألسيدة أم مشتاق انجازه لوحدها وقد حدثتنا عن هذه ألحرفة قائلة:-
أنها حرفة متعبة جدا وتتطلب مهارة وخبرة في العمل حيث يجب ان تكون القياسات متوازية وحسب طلب الزبون أن كان يريده كبيرا أو صغيرا ضيقا أو واسعا كما أن عمل التنور يحتاج إلى جهد حيث نقوم بحفر حفرة في الأرض نملأها بالماء والتراب ومادة التبن (عيدان الحنطة أو الشعير) ليتماسك جيدا لذلك يساعدني أولا دي في هذا العمل كان هذا العمل مربحا في زمن النظام السابق للظر وف المعيشية الصعبة التي كان يعيشها البلد أما بعد سقوط النظام ألصدامي فقد قل الطلب على التنور الطيني وكادت هذه ألحرفة تنقرض لولا ازمة الوقود المتكررة والتي أنعشت هذه ألحرفة التي كانت مصدرا مهماً من مصادر رزقنا....
ومن الحرف الأخرى التي تزاولها المرأة الريفية هي مهنة (الطواشة) وهي من المهن الموسمية أيضا حيث تنتعش في موسم جني التمور ونظرا لانتشار النخيل في القرى وعدم أمكانية العائلة الواحدة من تغطية العمل تستعين بالنساء اللواتي يعملن بأجور محددة في جني التمور ولا يقتصر هذا العمل على النساء فقط بل يعمل به الرجال أيضا حيث يقومون بتعبئة الأكياس أو نقلها من مكان إلى أخر.
ويلازم عمل الطواشة حرفة أخرى ألا وهي صناعة السلال بشتى أنواعها الكبيرة منها والصغيرة حيث تساهم هذه السلال في نقل المحصول أو جمعه من الأرض عند القطاف وقد اشتهرت ألسيدة أم حسين في صناعة السلال وحدثتنا عن هذه المهنة قائلة:- إنا أقوم بصناعة المكانس من سعف النخيل وفي أوقات جني التمور أقوم بصناعة السلال وأبيعها في السوق وفي القرية أيضا.وقديما كنا نصنع (الخصاف ) وهي عبارة عن سلة كبيرة جدا اسطوانية الشكل كنا في السابق نخزن فيها التمور للعام التالي حيث يعبأ بها تم تكبس نهاياتها وتوضع الواحدة فوق الأخرى وهي طريقة جيدة للخزن ولكن بعد ذلك لم تلق قبولا في السوق حيث اخذ التجار يرغبون بالتمور المعبأة بأكياس شفافة لكي يسهل رؤيته وتقييمه تبعا للنوعية والنظافة.
أما ألسيدة أم ضياء فقد امتهنت حرفة الحفافة التي تعد من الحرف المهمة والمنتشرة حتى الوقت الحالي ليس في القرية وحسب بل حتى في المدينة وقد اشتهرت هذه ألسيدة بخبرتها وقدرتها على إظهار مفاتن المرأة وفقا لشكل الوجه، وهي تقول:- لقد تعلمت هذه المهنة من والدتي منذ أن كنت صغيرة وألان أقوم بعملي لنفس الزبائن الذين كانوا يترددون لوالدتي أو بناتهم أو أحفادهم ورغم انتشار صالونات الحلاقة والمهارة التي تمتلكها بعض هذه الصالونات إلا أن الكثير من النساء مازلن يترددن على الحفافة ولا تزال هذه المهنة من الحرف المنتشرة وانأ اكسب من هذه المهنة مالا قد يكون محدودا وبسيطا إلا انه يساعد على تغطية احتياجاتي كما إنني اعتمد على الوسائل القديمة فقط ولا استخدم الآلات والمكائن الحديثة.
وتعد مهنة القابلة من المهن المنتشرة في الريف والتي تجتمع عدة أسباب تساعد على انتعاشها ونموها في الريف من أهمها عدم رغبة معظم الأزواج في ذهاب المرأة إلى المستشفى وتعريها إمام الطبيب وربما هذا الأمر قد عرض الكثير من نساء الريف للموت إثناء الولادة أو موت طفلها ليس لجهل القابلة وحسب بل لسوء حالة المرأة ووضع الطفل الغير جيد والذي ربما يحتاج إلى عملية جراحية لايمكن للقابلة مع الإمكانيات المحدودة لديها أن تجريها داخل المنزل.
ومن الحرف الأخرى التي تزاولها نساء الريف مهنة (الدلالة) وتنتشر هذه المهنة في القرى البعيدة جدا عن المركز أو تلك التي تعمل فيها النساء طوال اليوم بحيث لاتمتلك الوقت الكافي للذهاب إلى السوق وشراء ماتحتاج إليه، حيث تقوم إحدى النساء بجمع متطلبات نساء القرية وتذهب إلى السوق لجلبها لهن ولا تشمل الحاجيات الملابس وحسب بل حتى إغراض أخرى مثل مستحضرات التجميل او مواد منزلية و هدايا وغيرها.والطريف في هذه المهنة أنها تزدوج مع مهنة أخرى تجعل من الدلالة وسيطة بين طرفيين لإتمام مشروع زواج حيث تقوم الدلالة بترشيح الفتيات لبعض الشبان الراغبين في الزواج وإظهار المميزات الشخصية على اعتبار ان المميزات العائلية ألعامة معروفة لدى الجميع وفقا للعلاقات الاجتماعية المترابطة بين إفراد القرية.وبعدها يت م الزواج وفقا للطريقة التقليدية التي بدأت بالانقراض مع توفر الموبايل وتطور القرى مع انتشار حركة الأعمار في العراق وامكانية أبناء الريف الالتقاء في المدارس والتعارف فيما بينهم.
ومن المهن المنتشرة في الريف هي مهنة الخياطة التي حدثتنا عنها ألسيدة آم أنور:-
اكتسبت هذه المهنة من والدة زوجي التي ساعدتني على تعلم هذه المهنة والاستمرار بها حتى أصبحت لدي خبرة كبيرة في خياطة ملابس الأطفال والكبار على حد سواء ومازالت هذه المهنة مصدرا مهما من مصادر زرقي إنا وأطفالي ألتسعة ولا أزال احتفظ بزبائن جدتهم حيث أقوم بخياطة وتصميم الملابس وأغطية الاسرة والستائر وجهاز المولود الجديد وفقا للموضة السائدة والتي احصل عليها من المنتجات المعروضة في السوق أو من التصاميم الموجودة في المجلات أو تلك التي تعرض على شاشة التلفاز..
أما عن خياطة العباءة فقد حدثتنا ألسيدة أم مازن عنها قائلة:- منذ زمن بعيد أقوم بخياطة العباءة للنساء وتحتاج خياطة العباءة إلى خبرة كافية وعناية كبيرة لان أي خلل قد يؤدي إلى تلف القماش او اعادة خياطته مرة أخرى كما أن النقش الذي يوضع على الحافات أو نهايات العباءة يحتاج إلى إتقان وعمل مركز وفقا للموضة السائدة و شكل وتصميم وذوق الزبونة.
ومن المهن الأخرى التي تزاولها المرأة الريفية هي مهنة الغزل التي لازالت منتشرة في قرى وأرياف بلدنا الحبيب وقد حدثتنا ألسيدة ام جاسم عن هذه ألحرفة قائلة :- كان الغزل في السابق من الإعمال اليدوية المنتشرة والرائجة ومصدر عيش ورزق العديد من العوائل فكنا نجتمع في ليالي الشتاء الطويلة وتقوم بغزل وحياكة ألزوالي والبساط بشتى النماذج والنقوش ونبيعها في السوق وهناك عدة مدن اشتهرت بحياكة وغزل أنواع وإحجام مختلفة من المنتجات مثل (ألمده ،أو الفجة) التي أشهر أهالي قضاء الحمزة في محافظة بابل في غزلها وحياكتها.أما في الوقت الحاضر فقد انحسر الطلب على هذه المنتوجات اليدوية لانتشار المنتوجات المستوردة بأسعار مناسبة فلم يعد يشتريها سوى الهواة والمعتادون على استعمالها أو اقتنائها.
وحدثنا الحاج كاظم والذي عمل مع زوجته في الغزل لمدة طويلة حتى انحنت قامته قائلا:- منذ صغري كنت أقوم بغزل الصوف مع والدتي وإخوتي حتى كبرت وعلمت ابنائي ذلك ،أنها حرفة متعبة لكنها جميلة وأصيلة فنحن نأخذ الصوف من الفلاحين والرعاة ثم نغسله جيدا ونغزله بالمغزل الخشبي بعد أن يجف بعدها نبرمه بـ(المردل) وهو الة خشبية أيضا ثم يحاك بس اطا جميلا.
ماهو سبب قلة الطلب على هذا المنتوج؟
غزو المستورد وانخفاض سعره أدى إلى انحسار الطلب على هذه المنتوجات فضلا عن أن قلة استعمال آلات الغزل أدى إلى عدم صناعتها من قبل النجارين لأنها تكلف أكثر من قيمة بيعها.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 12:11 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-40.htm