رائدات - الوسطية.....كما يرونها

الأحد, 25-مارس-2012
بقلم/ أسماء محمود كفتارو -
الوسطية ...... المفردة التي باتت تشكل هوساً لدى الكثيرين من المفكرين ومن القائمين على المراكز والمنابر الدينية الإسلامية، لأجل الإثبات وبكل ما يملكون من حجج يستطيعون من خلالها أن يروا الناس والعالم كم حمل الإسلام في قرآنه الكريم وسنته المباركة الشريفة مفهوم الوسطية والخير للمجتمعات الإنسانية، ولكن هذه المفردة تتفاوت في المعايير والتفاسير والتأويل والتطبيق كما الحال في كثير من المفردات الدينية، وكلٍ يحاول أن يرسمها بحسب رأيه وعلمه الذي أكتسبه من جهات دينية مختلفة في الآراء وطريقة التفكير وطريقة التلقين والطرح، ولذلك نرى التفاوت في العرض والاستخدام لهذه المفردة، والتي أعتبر أننا في حال ايجاد السبل الصحيحة في طرحها يكون خلاصنا ووضع المجتمعات في الصورة المثلى التي أوجدها الله من سماءه لهذه الأرض المباركة.
وضعت بين يدي اليوم بعضاً مما كتب عن الوسطية من بعض المؤسسات الحكومية والغير حكومية والمفكرين الذين يهمهم الإصلاح في زماننا هذا ووضع الإسلام في موقعه الصحيح وإظهاره للناس كما أرسله الله، لأجد ما كتب في وزارة الأوقاف اليوم في النوتة المخصصة بعنوان (الإسلام دين الوسطية والاعتدال) والتي اعتبرت منهاجاً يتبعه الدعاة في التدريس والتوجيه في المؤسسات الدينية والمساجد، ولكن ما قرأت فيها من كلام جميل بسيط جُمع لخدمة الدعاة على حد زعمهم...... ولكن ما أظن أنه لا يحمل في صفحاته ل "50" أي فكر يخاطب فيه العقل وينميه إنما هو مشابه ومطابق لكتب التعليم الأساسي في المدارس الإعدادية والثانوية البسيطة التي ترسم بعض الأخلاق وقليلاً من الآراء الفقهية... وجدت فيها فرقاً شاسعاً بينها وبين كثير من المؤلفات والدراسات التي تعنى بالوسطية والتي تحمل فكراً تناهض فيه الغلو والتطرف والإرهاب والبعد عن الوسطية السمحة، وأنا أشعر أننا بأمس الحاجة اليوم لمخاطبة العقل الإنساني وليس مجاملة ودغدغة العواطف فنحن اليوم على المحك....ومن أجل ذلك علينا إيجاد الحلول المناسبة لجيل التكنولوجيا والاتصالات الذي بات همه على الأغلب التواصل والقراءة والبحث وهذا الجيل يحاول البعد عن كل ما لا يحمل ما ينمي فيه فكره... أو يحمله مالا طاقة له به... أو أي فكرة بعيدة عن روح الفكر والحقيقة والفطرة السليمة، لذلك أظن أن من الواجب من الذين يصوغون المناهج والدراسات أن يأخذوا بعين الاعتبار حال المجتمع وتطوره والإصلاح الذي بتنا نبعد عنه شيئاً فشيئا، وهذا ما سوف يودي بالمجتمع إلى الخراب.
أرفق لكم بعض الفروق التي وجدتها في بعض الدراسات وهذه النوتة المخصصة لوزارة الأوقاف من خلال العناوين فقط:
لقد أخذت وزارة الأوقاف هذه العناوين وشرحتها بكلمات لا تزيد عن صفحة لكل عنوان وكأن سوريا في مجتمع لا يحمل إلا السلفية... ولا أعلم إذا كانت الغاية البعد عن السلفية وفكرها... أم بث الفكر السلفي ببطء وذكاء ودهاء.
هذه بعض العناوين في متناولكم :
1.حكم إسبال الإزار.
2.حكم لبس الثياب (الطقم وربطة العنق) للرجال هل هو تشبه بغير المسلمين.
3.حكم ستر الوجه والكفين والنقاب.
4.حكم الصلاة في مسجد فيه قبر.
5.حكم التعزية وآدابها.
6.سنة الجمعة قبل صلاة الجمعة.
7.المصافحة بعد الصلاة وقول المسلم لأخيه: تقبل الله.
8.السبحة والاستعانة بها لضبط أعداد التسبيح.
9.الذكر الجماعي....حكم تارك الصلاة وقضاء الصلوات الفائتة.
10.مكانة العلماء في الإسلام وحرمة النيل من كرامتهم.
11.حكم تكفير أحد المسلمين أو شتمه أو أذيته.
12.صلاة الأوابين بعد المغرب.
13.آداب التعامل مع غير المسلمين في بلادنا.
14.تعريف البدعة وأنواعها.
أترك لكم التعليق على ما سبق من عناوين........فالمضمون واضح من عنوانه .
ومن أجل الإنصاف فهذه بعض العناوين من الشق الآخر لمفكرين وباحثين ومؤسسات إنسانية إسلامية وتعنى بالوسطية وتنهج النهج الفكري، بحثت ودرست الفكرة ونبع معهم هذه العناوين التي تحمل مجرد عنوان الكثير من البحث والمحاور الجادة والفعلية لإيجاد الوسطية منهجاً وفكراً لخلق مجتمعاً راقياً ملهماً حامياً للأجيال وعقولهم وتخلق مفكرين باحثين يفهمون الغاية من الإصلاح والتجديد:
1.موضوع المرأة ..حقوقها ومكانتها في المجتمع ... بلورة مفهوم جديد لتحرير المرأة ...مبدأ التساوي بين الرجل والمرأة في الإسلام.
2.المواطنة وحقوق الأقليات.....المواطنة في الفكر الإسلامي الحديث.
3.الوسطية الإسلامية بين طبيعة الحضارات وأدوارها.
4.الدعوة إلى المواجهة: أسباب ومبررات!
5.وسطية الإسلام في التعدد مع أهل الكتاب.
6.تأصيل فكري لعلاقة سوية بين الإسلام والغرب.
7.في العلاقة بين الوسطية وفقه الواقع.
8.الوسطية في بناء المجتمع.
9.دور المرأة في الإصلاح.
10.الواقع والآفاق للتغيير.
وهذه العناوين وجدت بدراسة واحدة من "560" صفحة، وضعوا فيها الوسطية باختلاف تعريفاتها ومفهومها الأصيل وأعطوا الحجج للعمل على أساسها وضعوا النقاط الرئيسية التي جعلت من أمتنا تشذ و تبعد عن النهج بالوسطية ووجدوا حلولاً ووضعوا خطة للعمل وإستراتيجية في نفس الدراسة.
ربما اليوم طرح الموضوع بغاية الحساسية بالنسبة للكثيرين ولكن بالنسبة لي فإن الموضوع بغاية الأمانة يحتاج إلى كشف أوراق ونبش العثرات ليس من أجلي ولا من أجل البعض ممن يحالون العبث ولكن لأجل ما هو أسمى من ذلك عقل الإنسان الذي يحاولون تدميره وإبعاده عن الحقائق والنور،وإبقاءه في دائرة التبعية .
كلمة أخيرة: إن أكبر خطر يداهمنا اليوم هي المناهج التي باتت ترسخ كل مفهوم مغلوط ......... وكل دراسة لا تحمل بين طياتها روح الإنسانية الأخلاقية التي تجمع ولا تفرق ...وتحب ولا تكره ....و تبني ولا تخرب.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 29-مايو-2024 الساعة: 08:04 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-31.htm