رائدات - منتدى مراكش يبحث سُبُل تعزيز أسُسِ إعلامٍ عربيّ منصف للمرأة

الأربعاء, 19-فبراير-2014
رائدات/الرباط -
في غمْرَة التطورات والمتغيّرات التي تعرفها المنطقة العربية، وشمال إفريقيا، بعد ثورات "الربيع الديمقراطي"، وفي غمرة المطالب الداعية إلى إقرار المساواة بين الجنسين، انطلقت، صباح اليوم، في قصر المؤتمرات موكادور أكدال بمراكش، أشغال المنتدى العربي حول المرأة والإعلام في ضوء المتغيرات الراهنة، المنظم من طرف وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بشراكة مع منظمة المرأة العربية. المؤتمر، الذي يمتدّ على مدى يومين، وتتخلله خمس ورشات، يهدف إلى البحث عن سُبُل تعزيز أسُسِ إعلامٍ عربيّ منصف للمرأة.
وزير الدولة، عبد الله بها، قال، خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح أشغال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، إنّ السنوات الأخيرة شهدت بروز عدد من المبادرات لتعزيز حضور المرأة في مجال الإعلام، لكن الواقع ما زال يثبت أن حضور المرأة في الإعلام في المنطقة العربية، لم يَرْقَ بعدُ إلى مستوى التحولات التي تشهدها المجتمعات العربية، في مجالات العمل والتعليم والمشاركة السياسية وغيرها، من المجالات التي تعتبر المرأة شريكا فيها للرجل.
هذا الوضع، يضيف وزير الدولة عبد الله بها، يتطلب بلورة سياسة جديدة، يتوجّب على المسؤولين في المنطقة، سواء السياسيين، أو القائمين على المؤسسات الإعلامية، من أجل تطوير السياسيات القائمة في هذا المجال، وفتْح الآفاق لمقترحات أخرى، تضْمنُ المساواة بين المرأة والرجل، في الحضور الإعلامي، مضيفا أنّ بلدان المنطقة تجتاز تحولاتٍ أفرزت حاجاتٍ مُلحّةً للنهوض بدور المرأة وقضاياها بصفة خاصىة، كما أنّ الممارسة الإعلامية تتطلب إصلاحات للرفع من مستوى الوعي العام للمجتمعات.
عبد الله بها، وإنْ عبّر عن "الاعتزاز" بما قطعه المغرب من أشواط في مجال النهوض بحقوق المرأة، مؤكّدا على أنّ المرأة توجد في صلب الإصلاحات السياسة العميقة في المغرب، وبعد التذكير بعدد من الإجراءات المُتّخذة في هذا الشأن، من قبيل تعزيز الترسانة القانونية بمكتسبات جديدة، وإقرار مدونة الأسرة، ومبادرة مراجعة قانون الجنسية، وإصلاح القانون الجنائي، وتعديلات مدونة الشغل، وتعديل ميثاق الوطني لإصلاح صورة المرأة في الإعلام، إلا أنّه شدّد على أنّ "هناك صعوبات وتحدّيات تحتاج إلى مجهودات إضافية ومستمرّة".
وأضاف بها، أنّه، على المستوى الوطني، أو على صعيد دول المنطقة، ما زالت هناك حاجة إلى مزيد من الجهد، في مجال النهوض بأوضاع المرأة، خصوصا على مستوى حضورها في مجال الإعلام، "من أجل تمكينها من حق المواطنة الكاملة، وإتاحة الفرصة لها لتسهم في تنمية المجتمع"، وزاد قائلا إنّ صورة المرأة في الإعلام لا تعكس حقيقة واقعها في المجتمع، "وهذا لا يخدم أوضاعها الاعتبارية وقيمتها ورمزيتها".
من جهتها، قالت وزير التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، إنّه، وعلى الرغم من المسار الذي قطعته المرأة العربية، وإن بتفاوُتٍ، من بلد إلى آخر، وما وصلتْ إليه من مكانة مرموقة في المجتمع، من خلال تبوّئها لمناصبَ عليا، على مستوى مواقع القرار، إلا أنّها، وبالموازاة مع ذلك، يظل موقعها في الإعلام، الذي يجسّد صورة معبّرة عن موقعها في المجتمع، غير سائرٍ على النحو المطلوب، بما يتلاءم ووضعيتها الاعتبارية وقيمتها ورمزيتها.
واعتبرت الحقاوي في مداخلتها خلال أشغال الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي حول المرأة والإعلام، أنّ الصورة الإعلامية حول المرأة العربية "نمطية تعيد إنتاج نفس الصور والتمثلات العامة السائدة، دون أن تواكب التقدم والإنجازات التي حققتها على أرض الواقع"، مُرجعة سبب ذلك إلى متغيّرات عدّة، منها تحرير المشهد السمعي البصري، وعدم خضوعه في أغلب الأحوال لمعايير ضابطة ترتبط بنظم رصْدية وضبطية ومعيارية توجه التناول الإعلامي.
وفي السياق نفسه الذي ذهب إليه وزير الدولة عبد الله بها، بقوله إنّ هناك حاجة ماسّة إلى بذل مزيد من الجهود، للرقيّ بمكانة المرأة في المجال الإعلامي، قالت بسيمة الحقاوي إنّ الجهود التي بُذلت، على المستوى العربي، للنهوض بقضايا المرأة في الإعلام، ورغم زخمها، "إلا أننا لا زلنا نحتاج إلى تنظيم أرشدَ وأكثر معيارية لوسائطنا الإعلامية بالأقطار العربية، وتوحيدٍ أكبر في آليات التشبيك وتعزيز قدرات التكتلات والشبكات العاملة في الترافع المستمر لتحسين مكانة المرأة العربية في الإعلام".
وعلى الصعيد الوطني، ذكّرت بسيمة الحقاوي بعدد من الإجراءات المُتّخذة، في مجال النهوض بقضايا المرأة، في بُعدها الشمولي، وفي ما له علاقة بتحسين صورتها في الإعلام، ومن ذلك إعداد الميثاق الوطني لتحسين صورة المرأة المغربية في الإعلام، سنة 2005؛ هذا الميثاق، تقول الحقاوي، أعطى دَفعة لمجموعة من المبادرات المؤسساتية والمجتمعية التي تواثرت فيما بعد، بحيث عرفت الساحة الإعلامية الوطنية إحداث العديد من الهيئات والشبكات وتطوير وإطلاق العديد من المبادرات المهنية في سبيل العمل من أجل تعزيز الحضور الايجابي للمرأة في الإعلام.
وإن كانت قد ذكّرت بهذه الإجراءات، إلا أنّ وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، شدّدت على أنه "وبالرغم من كل هذه الجهود المشتركة، إلا أن التحديات الوطنية تبقى مطروحة على مستوى سنّ القوانين والإطارات المعيارية والناظمة لكيفية احترام مبادئ الإنصاف والمساواة بين الجنسين في الإعلام، وكذا تحدي تعزيز قدرات الرصد واليقظة، بحيث نشتغل اليوم على إخراج المرصد الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام ليلعب أدوار اليقظة والمرافعة المنوطة به"، داعية إلى مساهمة الجميع في رفع تحدي الرقي بقدرات النساء الإعلاميات المهنيات، وتحسين ظروف عملهن ووصولهن لمراكز اتخاذ القرارات الإعلامية وتعزيز مبادراتهن.
إلى ذلك، قالت الشيخة سيف الشامي، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، في كلمتها أثناء الجلسة الافتتاحية للمنتدى، إنّ الإعلام، بمختلف أجناسه، يؤدي دورا هاما في بناء المجتمع المعاصر، وأنّ التركيز عليه كمدخل للتغيير والإصلاح له أهمية كبرى؛ وأضافت الشيخة سيف السامي، أنّ الدراسات المنجزة حول صورة المرأة في الإعلام العربي أثبتت أنّ هذا الحضور ما يزال دون الطموح.
وكانت جُملة تنميط الصورة السائدة في المجتمعات العربية حول المرأة في وسائل الإعلام حاضرة بقوّة خلال المداخلات التي شهدتها الجلسة الافتتاحية، والتي حضرها، إضافة إلى وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، كل من وزير الدولة عبد الله بها، ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، ووزيرة البيئة؛ في هذا الصدد قالت الشيخة سيف سامي، إنّ الإعلام يقف في قفص الاتهام كمسؤول عن ترويج صورة سلبيّة عن المرأة العربيّة.
وتتخلّل المنتدى العربي حول المرأة والإعلام في ضوء المتغيّرات الراهنة، خمس ورشات، تتمحور حول تقييم السياسات والاستراتيجيات؛ الإطار القانوني الإقليمي والعربي؛ تحليل الخطاب الإعلامي؛ آليات تعزيز قدرات الوصول إلى نُظم الرّصد وآفاق إحداث مؤسسة إعلامية تهتمّ بقضايا المرأة العربي. وسيُختتم المنتدى بعرض التقرير النهائي، على ضوء الخُلاصات والتوصيّات التي ستتمخّض عنها الورشات الخَمْسُ.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 14-مايو-2024 الساعة: 07:13 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-264.htm