رائدات -  د. أسمهان ماجد الطاهر

الأربعاء, 18-نوفمبر-2020
رائدات / بقلم : د. أسمهان ماجد الطاهر -

كان المساء بارداَ في مرتفعات عمان وكانت السماء رماديه فقامت علياء بإشغال التدفئة ليعم الدفء في منزلها وبدأت بإعداد الشاي بالنعنع حتى تشعر بالدفء. سمعت طرقات قوية على الباب تحركت بحماس لترى زائر اليوم من أحفادها او أبناءها وبمجرد فتحها الباب اندفعت نور ومليسا وهما تضحكان وتحدثا الجدة علياء كيف أن الريح بالخارج كادت تحملهما كطيرين. كانت علياء تستمع لهما وتضحك لمجرد رؤية الحيوية والحماس وكمية الفرح الذي كانت تفيض من عيون الصبايا حفيداتها وكان لسان حالها يقول بلا سبب يفيض الحب بي وأفيض حول عواطفي فرحاَ بهن.
دعت علياء الشابات للجلوس لشرب الشاي وقالت لن أسمح بالمغادرة الليلة فالأجواء عاصفة وتنبئ بثلجة قوية. أكدت نور ومليسا رغبتهم في البقاء لقضاء الليلة عند علياء.
شعرت علياء بالفرح لوجود من يؤنس وحدتها ويكسر صلف الريح ويجعل المكان أكثر حيوية ودفء. أكملت مليسا إعداد الشاي واحضرته مع قطع من الكعك اللذيذ الذي تعده علياء وتحضره لضيافة من يزورها. وبدأت السهرة الجميلة بتجاذب أطراف الحديث وكانت الضحك والفرح يعم المكان عندما ظهر مذيع الإرصاد الجوية وحذر من سوء الأحوال الجوية وأعلن عن منع الخروج من المنزل لليومين القادمين.
استنكرت الفتاتان الخبر وقالت نور هذا حجر إلزامي ستتعطل خططنا مليسا للمدة يومين كاملين. ابتسمت الجدة وبهدوئها المعتاد قالت هل يزعج حجر يومين في إحدى السنوات تم حجر كل البلد لمدة ثلاث أشهر كاملة بسبب جائحة الكورونا.
استغربت الصبايا حديث علياء وبدأتا بطرح الأسئلة وكيف استطعتم تحمل ذلك! قالت علياء لقد تحولت العديد من الاعمال لما هي علية اليوم من استخدام لكل وسائل التكنولوجيا وتغير نهج الاعمال وظهر نمط جديد من الحياة والوظائف.
وأضافت علياء لقد عانى من يمتلك الموارد الكثيرة ومن يفتقر إليها بنفس القدر وكان الجميع في بوتقة واحدة تنشد العافية والسلامة من الجائحة. لقد اعتقدنا أن ذلك لن ينتهي ثم انتهى فجاءة كما ظهر ولم تعد نذكر إلا الفصل الأجمل من الحكاية وهو أننا في الحياة نبقى نبحث عن فرح صغير منسي.
هو الأمل الذي يهمس لنا ما زال في الدرب خطوات لنمشي ولتستمر الحياة. في الحياة نتمسك بالأمل القادم وهو ما يمكننا من تذوق الفرح، وهو ما يجعل لنا جناحين تحلق عالياَ.
في تلك الليلة تحدثت علياء عن ذكرى الجائحة الماضية ورغم قسوتها كانت تردد الأرض والعزيمة والإصرار صعبِ أن تقهر لذلك احتفلنا بالقضاء على الوباء. وكان قلب نور وميليسا يهتف لها كل لون على شفتيك احتفال.
كانت ليلة جميلة أنهى ظلامها صباح أبيض وثلج أحاط المكان دون أن يسرق الدفء. نبقى ننسج من الحرف حكاية ونأمل أن تنتهي الجائحة وتصبح ذكرى بعيدة.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 16-أبريل-2024 الساعة: 09:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1366.htm