رائدات - كريمة كمال تكتب (كاتبة أمريكية)

الجمعة, 13-نوفمبر-2020
رائدات / بقلم : كريمة كمال - مصر -
نشرت «بى. بى. سى» موضوعا صحفيا تحت عنوان: «ماذا تعرف عن الكاتبة التى تنبأت بعهد ترامب بدقة قبل سنوات؟»، جاء فيه: قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 بأسابيع كانت نتائج استطلاعات الرأى ترجح فوز هيلارى كلينتون، لكن الكاتبة المسرحية «لين نوتاج» كان يخالجها بعض الشك.. وزارت نوتاج مدينة ريدنج بولاية بنسلفانيا مرات عديدة، بينما كانت تجرى أبحاثًا لكتابة مسرحيتها حول التغيرات الاجتماعية التى أفرزها تراجع التصنيع، وتحدثت نوتاج وفريقها من المتدربين مع المئات من سكان هذه الرواية المتأرجحة، وكان القليل منهم متحمسا لانتخاب كلينتون، وتحدث بعض ذوى البشرة البيضاء الذين شاركوا فى المقابلات عن الانقسامات الثقافية والاضمحلال الاقتصادى والارتياب من المواطنين الذين ينحدرون من أصول لاتينية، ولاسيما المهاجرين حديثا. وتقول نوتاج معلقة «وهى نفس العبارات التى دأب ترامب على ترديدها وقد كانت مشحونة بالحقد والكراهية»، وكانت هذه الحوارات مصدر إلهام لنوتاج التى استوحت منها مسرحيتها «العرق»، وهى مسرحية متشعبة ومتداخلة، تدور أحداثها فى مدينة كانت مركزًا لمصانع أنابيب الفولاذ، ونالت عنها نوتاج جائزة «بوليتزر» للمرة الثانية.
وعلى الرغم من أن نوتاج أجرت أبحاثها عن مسرحيتها «العرق» وكتبتها فى عهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما قبل أيام من انتخابات 2016 إلا أنها أصبحت واحدة من أفضل الأعمال التى تجسد عهد الرئيس دونالد ترامب، ووصفتها جريدة «نيويوركر» بأنها أول مَعلم مسرحى لعهد ترامب.

قامت نوتاج بزيارة مدينة ريدنج التى كانت مركزًا صناعيًا فى الماضى، لدراسة تداعيات تقليص النشاط الصناعى على حياة المواطنين، وشرعت فى البحث عن قصص لتثرى بها مسرحيتها.. وبعد عشرات الزيارات على مدى عامين بدأت نوتاج فى الكتابة، وسبرت نوتاج أغوار الانقسامات فى المجتمع الأمريكى المعاصر، وكشفت عن التصدعات العنصرية والطبقية التى تنذر بتمزق المجتمع.. عندما عرضت المسرحية فى نيويورك كان المشهد السياسى قد تغير، وبدت المسرحية كأنها كانت تصف المستقبل بدقة بالغة، وتدق ناقوس الخطر، فقد تنبأت بالعوامل والأسباب التى أدت إلى فوز الحزب الجمهورى فى الولايات المتأرجحة. وتعد المسرحية من أفضل الأعمال الفنية التى تناقش قضية هشاشة ذوى البشرة البيضاء الذين يشعرون بالغضب والضيق عندما يواجهون بحقيقة التمييز العنصرى والتحيز لذوى البشرة البيضاء.

نحن الآن بعد ساعات قلائل من إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية مما يجعلنا فى خضم ما يجرى فى هذه الانتخابات، فندرك ما حاولت «نوتاج» الوصول له فى مسرحيتها.. لكن الأهم هنا أن ندرك أن هذه الكاتبة قد استغرقت عامين كاملين فى زيارات وحوارات وأبحاث قبل أن تكتب حرفًا فى مسرحيتها، كم هائل من المجهود وضعها فى قلب المجتمع الأمريكى وكشف لها عن حقيقة ما يعتمل فيه، بحثت داخل هذا المجتمع عن القصص الحقيقية التى استندت لها عندما كتبت.. استطاعت أن تدرك ما يعتمل داخل ذوى البشرة البيضاء من تحيزات وتمييز، وما يعتمل داخل ذوى البشرة السمراء من مشاعر كنتيجة لهذه المشاعر.. كل هذا التضارب والانقسام الذى يهدد المجتمع الأمريكى، والذى جسدته فى مسرحيتها. أنا هنا أتساءل: هل لدينا كُتاب سواء لمسرحيات أو أفلام أو أى أعمال فنية يبذلون كل هذا الجهد قبل أن يكتبوا أعمالهم الفنية؟.. أشك فى هذا.. وهل إذا حاول أحدهم أن يقوم بمثل هذا البحث فسوف تتاح له حرية البحث للوصول إلى الحقائق؟.. فى الواقع، إن حرية البحث هى من الحريات المهمة التى تفتح الطريق أمام الأعمال، سواء كانت أعمالا فنية أو أكاديمية، لذا يجب أن تتاح حرية البحث أمام الباحثين لكشف ما يعتمل حقيقةً داخل المجتمع.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 04:35 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1348.htm