رائدات - ريم الرواشدة تكتب: العنف ضد المرأة

الجمعة, 14-فبراير-2020
رائدات/ بقلم : ريم الرواشدة -
يسوق لنا التاريخ من ذلك الزمن الجاهلي صورة موحشة لتعامل المجتمعات العربية مع المرأة، فقد سلبت حقوقها، وتعرضت للأذى والعنف، حتى أن الأمر ارتقى إلى دفنها حية (الوأد)، وهنا فإني لا أتحدث بالعموم، وهناك بعض الحالات التي أثبتتها المصادر التاريخية تثبت إجلال بعض العرب للمرأة، لكن في المجمل الأعم، كانت المرأة مهانة الوجود، فالتعامل معها كان على أساس هيكل جسدي، خلق لإمتاع الرجل، وجلّ وظيفتها أن تخدم البيت وتلد الأطفال، وقد تعرضت للعنف بجميع أشكاله، ولم تكن المرأة آنذاك تملك المقدرة عن الدفاع عن نفسها وحقوقها، ولكن مجيء الإسلام نقل مكانة المرأة نقلة نوعية، وجعل لها حقوقها وعليها واجباتها، فأصبحت تمتلك قرارها، ولها حق الحياة، كما هو حال الرجل.

وبعد قرون من ذلك التكريم للمرأة، عادت فصول مسرحية نبذ المرأة وتوجيه الإهانة إليها، والعنف ضدها أصبح ظاهرة منتشرة في كثير من المجتمعات، حتى عاد العنف في بعض صورها إلى سلب المرأة حق الحياة، فشكلت جرائم القتل ضد المرأة قلقا لدى شرائح المجتمع، حتى أن هناك تفننا في صور القتل، وفي حالات كثيرة أصبح الضرب المبرح الذي يشوه المرأة وشكلها محورا لكثير من الجرائم.
وفي تتبع الأسباب المؤدية إلى العنف ضد المرأة نجد أن الأسباب متعددة، وأبرز تلك الأسباب، ضعف الوازع الديني، فنجد الأهل أو الزوج مبتعدين عن الدين، أو نجدهم يفهمون النصوص الدينية بشكل خاطئ، فإذا ارتكبت المرأة جرما أخلاقيا مثلا، نجدهم يحكمون عليها من أنفسهم وينفذون دون الرجوع إلى الشريعة، لأنهم يقتبسون ردة أفعالهم من عادات المجتمع التي تكون في بعض الحالات على خطأ، ولكنهم تماشيا مع عادات المجتمع الخاطئة يتجاهلون نصوص الشريعة.

وقد تكون نظرة المجتمع إلى المرأة سببا آخر في توجيه العنف إليها، فهناك اعتقادات مجتمعية ترى أن المرأة ملك لزوجها، وله الحق في تأديبها وضربها، أو تعطي الحق للأب والأخ أن يفعل ما يريد بابنتهم، فهم المسؤولون عنها ولهم حرية التصرف فيما يرونه ويناسب معتقداتهم الاجتماعية.

ولعل النصوص القانونية التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة سواء من أهلها أو زوجها أو حتى ابنها، هي نصوص لا تعد رادعة لهذه الأطراف، لذا يتمادون في إيقاع العنف على المرأة لمعرفتهم بأن العقوبة التي ستسند إليهم لا تكافئ أفعالهم، فمثلا قد يقتل الأخ أخته إن وجدها في حالة زنا، والقانون في هذه الحالة يمنحه عقوبة مخففة، مما يساعد على ارتكاب الجريمة.

ولا نتجاهل هنا العوامل الاقتصادية، فهناك حالات كانت ناتجة عن فقر الرجل أو ممن يعانون من البطالة، فهم يبحثون عن مصدر للمال، وخاصة إن كانت المرأة عاملة، فيلجؤون إلى إجبارها عنفا على تزويدهم بالمال، وعند رفض المرأة أو عجزها عن ذلك يكون العنف أداة من أدوات الضغط عليها، وهناك من الحالات التي أجبرت على البغاء من الزوج للحصول على المال، وفي حالات تضرب الفتاة من أبيها للحصول على المال، أو إجبارها على الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية.

وإنني في هذه العجالة لا أدعي أني وضعت العوامل المؤدية إلى ارتكاب العنف ضد المرأة في دائرة الاكتمال، لكن هذه العوامل التي ذكرتها هي أبرز العوامل التي دفعت بالعنف ضد المرأة، فهناك أشكال أخرى للعنف وبأسباب مختلفة، فمثلا العنف اللفظي الذي تتعرض له المرأة سواء في العمل أو في الجامعات أو في الشارع، وهناك من النساء من تعرض للاعتداء الجنسي سواء بالترهيب أو بالترغيب.

وإذا ما أردنا الوقوف على بعض التوصيات التي قد تحد من العنف الموجه ضد المرأة، فإن الوازع الديني هو بمثابة الحل الأمثل، وذلك بعمل الندوات والمؤتمرات الدينية وتوعية المجتمع بخطورة الاعتداء على المرأة من الناحية الشرعية، إضافة إلى المجتمع ككل بحاجة إلى توعية تثقيفية باستخدام وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، ووضع المجتمع في خطورة هذه الظاهرة على تماسكه وآمنه المجتمعي الذي يعززه تلاحم المرأة والرجل وتعاضدهما. وعلى المشرع القانوني الأردني أن يغلظ العقوبة على جرائم الاعتداء الواقعة على المرأة، ولا بد من توعية المرأة بحقوقها وواجباتها، وتمكينها في المجتمع على نطاق أوسع.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 10:16 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1304.htm