رائدات - حنان بن خلوق تكتب ( القيادة النسوية لا تنحصر في تحقيق التوازن بين الجنسين)

الخميس, 26-أكتوبر-2017
رائدات /بقلم: حنان بن خلوق -
منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬سنة‭ ‬أصبح‭ ‬للمرأة‭ ‬يوم‭ ‬عالمي،‭ ‬تتحد‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬النساء‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬جنسياتهن‭ ‬وأعراقهن‭ ‬وثقافاتهن،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬رسميا‭ ‬إلا‭ ‬منذ‭ ‬40‭ ‬سنة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المسيرة‭ ‬النضالية‭ ‬النسائية‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لتتبعها‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬8‭ ‬مارس‭ ‬يوماً‭ ‬دولياً‭ ‬تشهد‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬فعاليات‭ ‬مختلفة،‭ ‬هدفها‭ ‬تقدير‭ ‬النساء‭ ‬والاحتفال‭ ‬بالإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬المرأة‭ ‬اقتصادياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬وسياسياً،‭ ‬كما‭ ‬تتسابق‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬لتحقيق‭ ‬أعلى‭ ‬المؤشرات‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬قضايا‭ ‬إدماج‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬السياسات‭ ‬العامة،‭ ‬وتمكين‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬وتوسيع‭ ‬مشاركتهن‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬وكذا‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬صور‭ ‬للتمييز‭ ‬ضدها‭.‬



موعدنا‭ ‬سنة‭ ‬2133‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكافؤ‭:‬

لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬نتيجة‭ ‬الإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الوطنية‭ ‬عالمياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬للنهوض‭ ‬بأوضاع‭ ‬نصف‭ ‬المجتمع،‭ ‬وبنظرة‭ ‬إيجابية‭ ‬لايسعنا‭ ‬إلا‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬قطعنا‭ ‬أشواطاً‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬تقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬حقوق‭ ‬الجنسين‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬وفرص‭ ‬دخول‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بكل‭ ‬مجالاته‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬آخر‭ ‬الدراسات‭ ‬عن‭ ‬فجوة‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬كانت‭ ‬جد‭ ‬سلبية،‭ ‬حسب‭ ‬تقرير‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬الخاص‭ ‬بسد‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬الذي‭ ‬أوضح‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬ربع‭ ‬مليار‭ ‬امرأة‭ ‬أخرى‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬منذ‭ ‬2006‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬سد‭ ‬سوى‭ ‬4‭% ‬من‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتمثيل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية‭. ‬ومن‭ ‬النواحي‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فقد‭ ‬سدت‭ ‬الفجوة‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭%. ‬إن‭ ‬الاستمرار‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الوثيرة،‭ ‬حسب‭ ‬نفس‭ ‬التقرير،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬سد‭ ‬فجوة‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬الذكور‭ ‬والإناث‭ ‬سيستغرق‭ ‬118‭ ‬سنة‭. ‬رقم‭ ‬محبط‭ ‬فعلاً‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬توقعات‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬كانت‭ ‬أقل‭ ‬ب37‭ ‬سنة‭ ‬حسب‭ ‬نفس‭ ‬التقرير‭. ‬‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬الحالتين،‭ ‬يظل‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬بعيداً‭ ‬لن‭ ‬ننعم‭ ‬كأبناء‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬أحفادنا‭ ‬بالاحتفال‭ ‬به‭. ‬

الطريق‭ ‬الوعر‭ ‬إلى‭ ‬القمة‭: ‬

تزداد‭ ‬الفجوة‭ ‬اتساعاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭. ‬فرغم‭ ‬التقدم‭ ‬التي‭ ‬أحرزته‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬التعليمي،‭ ‬حيث‭ ‬تؤكد‭ ‬معظم‭ ‬التقارير‭ ‬على‭ ‬تفوق‭ ‬الإناث‭ ‬أكاديمياً،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬هيمنة‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬الجامعات‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬بلدان،‭ ‬ورغم‭ ‬تمكن‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬تحطيم‭ ‬السقف‭ ‬الزجاجي‭ ‬واعتلاء‭ ‬وظائف‭ ‬و‭ ‬مناصب‭ ‬ريادية‭ ‬كانت‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬إلى‭ ‬ماض‭ ‬جد‭ ‬قريب،‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬النساء‭ ‬تمثلن‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الإدارة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬4‭% ‬من‭ ‬المديرين‭ ‬التنفيذيين‭ ‬الذين‭ ‬يديرون‭ ‬500‭ ‬شركة‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ولا‭ ‬زالت‭ ‬كل‭ ‬التقارير‭ ‬تشهد‭ ‬بضآلة‭ ‬نسبة‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬‮«‬مواقع‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‮»‬‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الإدارية،‭ ‬كلما‭ ‬صعدنا‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬هرم‭ ‬المؤسسات‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها‭: ‬الاستشارية‭ ‬والتنفيذية،‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬التمثيلية‭ ‬والمعينة‭ ‬وفي‭ ‬مجالات‭ ‬أنشطة‭ ‬المجتمع‭ ‬كافة‭. ‬

إن‭ ‬قضية‭ ‬النساء‭ ‬والقيادة‭ ‬تعدت‭ ‬مسألة‭ ‬المناصفة‭ ‬وضمان‭ ‬حقوق‭ ‬من‭ ‬يمثلن‭ ‬نصف‭ ‬أو‭ ‬أكثرمن‭ ‬نصف‭ ‬المجتمع،‭ ‬أوالاستجابة‭ ‬لمطالب‭ ‬النساء‭ ‬وتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬إدماج‭ ‬العنصر‭ ‬النسوي‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬القرار‭ ‬الصائب‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬المتغيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتحولات‭ ‬الإدارية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الإقتصادية‭ ‬والإجتماعية‭ ‬المستدامة‭. ‬

قائد‭ ‬امرأة‭ ‬أم‭ ‬قيادة‭ ‬أنثوية؟

‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬نشاطي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬المهارات‭ ‬القيادية‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والحكومي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬دائماً‭ ‬اهتمام‭ ‬خاص‭ ‬بموضوع‭ ‬القيادات‭ ‬النسوية‭. ‬حضرت‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬المنتديات‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬وتابعت‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬نتائج‭ ‬دراسات‭ ‬عالمية‭ ‬وتقارير‭ ‬حول‭ ‬الموضوع،‭ ‬وقرأت‭ ‬معظم‭ ‬الكتب‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬تطرقت‭ ‬لهذه‭ ‬المسألة،‭ ‬وظلت‭ ‬نفس‭ ‬الملاحظة‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬تفكيري‭: ‬لماذا‭ ‬يرغب‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬إدماج‭ ‬العنصر‭ ‬النسوي‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬تنجحن‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬تبني‭ ‬النموذج‭ ‬‮«‬الذكوري‮»‬‭ ‬في‭ ‬القيادة؟‭ ‬كيف‭ ‬نحقق‭ ‬التنوع‭ ‬الإداري‭ ‬والتوازن‭ ‬إذن‭ ‬فقط‭ ‬بتوظيف‭ ‬أوإعطاء‭ ‬الفرصة‭ ‬لامرأة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ستتصرف‭ ‬بنقس‭ ‬أسلوب‭ ‬زميلها‭ ‬الرجل؟

تغيرت‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬عن‭ ‬التنوع‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬القيادة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬السؤال‭ ‬محصوراً‭ ‬في‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬نزيد‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الإناث‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة‭ ‬ومناصب‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار؟‭ ‬وإنما‭: ‬‮«‬‭ ‬كيف‭ ‬نعزز‭ ‬المهارات‭ ‬والسمات‭ ‬القيادية‭ ‬الأنثوية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة؟‭ ‬ليس‭ ‬تنوعاً‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬وإنما‭ ‬موازنة‭ ‬بين‭ ‬السمات‭ ‬والمهارات‭ ‬القيادية‭ ‬الذكورية‭ ‬والأنثوية‭ ‬التي‭ ‬لاترتبط‭ ‬دائما‭ ‬بجنس‭ ‬القائد‭.‬

قيادة‭ ‬نسوية‭ ‬إبداع‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭:‬

حسب‭ ‬مسح‭ ‬أجراه‭ ‬Ketchum Leadership Communication Monitor‭ ‬مع‭ ‬6500‭ ‬شخص‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬سمات‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭ ‬شملت‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال،‭ ‬والسياسة،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬غير‭ ‬الربحية‭ ‬والحكومية،‭ ‬تفوقت‭ ‬النساء‭ ‬القياديات‭ ‬على‭ ‬الذكور‭ ‬في‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬سبعة‭ ‬مؤشرات‭ ‬القيادة،‭ ‬منها‭ ‬فن‭ ‬التواصل‭ ‬والحوار،‭ ‬القيادة‭ ‬بالقدوة،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالخطأ‭ ‬وتحفيز‭ ‬الآخرين‭. ‬كما‭ ‬أضافت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬القياديات‭ ‬تمتعن‭ ‬بالشفافية‭ ‬والتشبث‭ ‬بالقيم‭ ‬وأيضا‭ ‬مطابقة‭ ‬الأقوال‭ ‬بالأفعال،‭ ‬وهي‭ ‬صفات‭ ‬يحبذها‭ ‬الموظفون‭ ‬والشركاء‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬



مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أؤكد‭ ‬أننا،‭ ‬عندما‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬القيادية‭ ‬النسوية،‭ ‬لا‭ ‬نحصرها‭ ‬في‭ ‬جنس‭ ‬الإناث،‭ ‬يمكن‭ ‬لقائد‭ ‬ذكر‭ ‬التمتع‭ ‬بها،‭ ‬فقط‭ ‬نشير‭ ‬أنها‭ ‬توجد‭ ‬بالفطرة‭ ‬لدى‭ ‬معظم‭ ‬النساء‭ ‬ويسهل‭ ‬عليهن‭ ‬التحلي‭ ‬بها‭.‬

كما‭ ‬أبانت‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬حسب‭ ‬كتاب‭ ‬Athena Doctrine‭ ‬‮«‬المستقبل‭ ‬بيد‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬الذين‭ ‬يفكرون‭ ‬مثلهم‮»‬،‭ ‬شملت‭ ‬64000‭ ‬شخصاً،‭ ‬عن‭ ‬تصاعد‭ ‬عدم‭ ‬الرضى‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والسمات‭ ‬القيادية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬العام‭ ‬‮«‬ذكورية‮»‬‭. ‬ويؤكد‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬تحليله‭ ‬أن‭ ‬السمات‭ ‬والقيم‭ ‬الأنثوية‭ ‬ستكون‭ ‬مرغوبة‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬وتشكل‭ ‬الحل‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬والتحديات‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأعمال‭ ‬والإنسانية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لازالت‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬تحبذ‭ ‬نمط‭ ‬الذكورة‭ ‬في‭ ‬القيادة،‭ ‬لارتكازها‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الأبوي‭ ‬الذي‭ ‬لازال‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقيم‭ ‬والمعتقدات‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السيدات‭ ‬ضرورة‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬النموذج‭ ‬القيادي‭ ‬السائد،‭ ‬والذي‭ ‬تدفع‭ ‬بعض‭ ‬السيدات‭ ‬ثمناً‭ ‬غالياً،‭ ‬حيث‭ ‬تضطررن‭ ‬لفقدان‭ ‬هويتهن‭ ‬صحياً‭ ‬ونفسياً،‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬لماذا‭ ‬تختار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السيدات‭ ‬ترك‭ ‬وظائف‭ ‬مرموقة‭ ‬بعد‭ ‬وصولهن‭ ‬لمناصب‭ ‬عليا‭ ‬ويفضلن‭ ‬خوض‭ ‬تجربة‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬وإطلاق‭ ‬مشاريع‭ ‬صغيرة‭ ‬عوض‭ ‬متابعة‭ ‬السباق‭ ‬نحو‭ ‬القمة‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬منهن‭ ‬أن‭ ‬يتكيّفن‭ ‬مع‭ ‬نموذج‭ ‬قيادي‭ ‬يتنافى‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬مع‭ ‬قيمهن‭ ‬الأنثوية‭.‬

كيف‭ ‬تتميز‭ ‬القيادية‭ ‬العربية؟

رغم‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لازالت‭ ‬تصنف‭ ‬ضمن‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬ولازالت‭ ‬تعاني‭ ‬فيها‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الفرص‭ ‬الوظيفية،‭ ‬يمكننا‭ ‬الجزم‭ ‬أننا‭ ‬حققنا‭ ‬إنجازات‭ ‬يشهد‭ ‬لها‭ ‬عالميا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬ولازالت‭ ‬سقوف‭ ‬الطموحات‭ ‬ترتفع‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬محفزة‭ ‬بالتغييرات‭ ‬التي‭ ‬تحرص‭ ‬قيادات‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواكبة‭ ‬مسيرة‭ ‬النهوض‭ ‬بوضعية‭ ‬المرأة‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وإسهامها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

‭ ‬تتمتع‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬بمهارات‭ ‬قيادية‭ ‬أنثوية‭ ‬فطرية‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬الاتجاه‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬أكدته‭ ‬كل‭ ‬الدراسات‭ ‬الأخيرة‭ ‬عن‭ ‬السمات‭ ‬والخصائص‭ ‬القيادية‭ ‬المحبذة‭ ‬للقرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة‭ ‬وبيئة‭ ‬آمنة‭ ‬وإيجابية‭. ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬إذن‭ ‬تنمية‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬الفطرية‭ ‬الأنثوية‭ ‬وصقلها‭ ‬لتصبح‭ ‬قابلة‭ ‬للإدماج‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬العمل‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار؟‭ ‬

تكاثف‭ ‬المبادرات‭ ‬الوطنية‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬لتطوير‭ ‬القيادة‭ ‬النسوية‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬مثل‭ ‬إنشاء‭ ‬مجلس‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬بهدف‭ ‬تقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الدولة‭ ‬كافة،‭ ‬كما‭ ‬يعتبر‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬إدماج‭ ‬الجنسين‭ ‬لتحمل‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬والإيمان‭ ‬بأن‭ ‬مسألة‭ ‬تكافؤ‭ ‬الجنسين‭ ‬ليست‭ ‬مشكلة‭ ‬النساء‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬مشكلة‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله،‭ ‬ونشر‭ ‬التوعية‭ ‬منذ‭ ‬سن‭ ‬مبكر‭ ‬لتغيير‭ ‬التفكير‭ ‬السائد‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬ارتباط‭ ‬السمات‭ ‬القيادية‭ ‬بالذكور،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تطويربرامج‭ ‬تدريب‭ ‬القيادة‭ ‬وبرامج‭ ‬التوجيه‭ ‬أو‭ ‬الإرشاد‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬تعلم‭ ‬وتطبيق‭ ‬السمات‭ ‬والخصائص‭ ‬القيادية‭ ‬النسوية‭ ‬الفطرية‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقاً،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬قائدات‭ ‬التغيير‭ ‬والمتصالحات‭ ‬مع‭ ‬هويتهن‭ ‬الأنثوية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نركز‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬برامجنا‭ ‬التدريبية‭ ‬القيادية‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬رائدات‭ ‬المستقبل‮»‬‭ ‬الخاص‭ ‬بتنمية‭ ‬القدرات‭ ‬القيادية‭ ‬النسائية،‭ ‬وكذا‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الرابط‮»‬‭ ‬للتوجيه‭ ‬والإرشاد‭ ‬النسائي‭.‬

‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تسريع‭ ‬تقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الذكور‭ ‬والإناث‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬لتمكين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬والحكومية‭ ‬بمهارات‭ ‬قيادية‭ ‬نسوية‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬مستقبلاً‭ ‬زاهراً‭ ‬ومشرقا‭.‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1190.htm