رائدات - موزة المالكي

الخميس, 05-أكتوبر-2017
رائدات /بقلم: د. موزة المالكي -
أفادت دراسة جديدة بأن أدمغتنا تعمل بنشاط لنسيان الذكريات» وأعتقد بأن الباحثين يركزون على الذكريات المؤلمة على وجه الخصوص» وبأن الأدمغة تعمل على الاحتفاظ بالمعلومات الهامة.

وتعتقد الدراسة أن الدماغ ليس مصمماً للحفاظ على الذكريات، بل يكمن عمله الأساسي في التمسك بالمعلومات القيمة فقط، لتحسين قدراتنا على اتخاذ القرارات الصحيحة، بحسب موقع «روسيا اليوم».

وقال بليك ريتشاردز، مؤلف الدراسة وزميل مشارك في برامج الدماغ وتعلم الآلة: «من المهم أن ينسى الدماغ التفاصيل العادية، ويركز في المقابل على الأشياء التي تساعد على اتخاذ القرارات الهامة».

برول فرانكلاند، المشارك في برنامج تنمية الطفل والدماغ، وأيضاً مشارك في الدراسة، ذكر أنه «تقدم لنا الأبحاث الجديدة المزيد من الأدلة المتعلقة بآليات تعزيز فقدان الذاكرة، والتي تختلف عند أولئك المعنين بتخزين المعلومات».

إحدى هذه الآليات تتمثل في ضعف الروابط المتشابكة بين الخلايا العصبية، حيث يتم ترميز الذكريات، أما الآلية الأخرى، فهي عبارة عن خلق الخلايا العصبية الجديدة، لاستبدال الذاكرة المخزنة، ما يفسر لماذا ينسى الأطفال، الذين ينتجون كمية كبيرة من الخلايا العصبية، أكثر من البالغين.

كما وجدت الأبحاث أن النسيان يعد هاماً كما التذكر تماماً، وذلك لسببين: الأول: يسمح النسيان للدماغ بالتخلي عن المعلومات القديمة أو الخاطئة، وهذا يجعل من الأسهل التكيف مع المشاكل الجديدة.

والسبب الثاني: يخلق النسيان كمبيوتراً مبسطاً من المعلومات في الدماغ، حتى يتمكن الأشخاص من اتخاذ القرارات الحاسمة، بدل التركيز على تفاصيل محددة، بالإضافة إلى تحرير مساحة أكبر للحصول على المعلومات.

وقد ذكرت في مقال لي بعنوان «النسيان...ذلك الجميل المتعب» بأن النسيان نعمة من النعم التي أنعم بها الله على خلقه إذا كان في مجراه الطبيعي الذي يخدم البشرية.. وذلك لأن النسيان يحدث تنقية للذات البشرية من العوائق والمحبطات التي يمر بها الإنسان في حياته.. لأنه إذا لم يحدث هذا النسيان لأصيبت الذاكرة بحالة من التخمة التي تترتب على نشاط غير عادي للذاكرة.. فما يدخل إلى ذاكرة المرء في اليوم الواحد لا يمكن أن يستوعبه أي كمبيوتر.

ويرتبط نسيان خبرة ما أو معلومة بأهمية تلك الخبرة أو المعلومة وصلتها بنا.. فالإنسان المتوافق يحاول طرد الخبرات المؤلمة والمزعجة من ذاكرته.. وهذا الطرد يهدف إلى حماية الإنسان من تلك الخبرات.. فيحتفظ الفرد بصورة مقبولة عن ذاته.. ونرى ذلك في محاولة الانتقام والتي يصر البعض عليها نتيجة موقف أو إساءة من أحد.. فالانتقام قد يكون نتاجاً سلبياً في الذاكرة يحول دون النسيان والتغاضي.. فيضع الإنسان الصدامات التي يمر بها في ذاكرته دائماً ويطالب نفسه بالقصاص لها من الآخر أياً كان ذلك الآخر، أما إذا كانت هناك حالة من النسيان مغلفة بحالة من التسامح فإن هذه الصدامات تتبخر من الذاكرة رويداً رويداً ويتجه الإنسان إلى تنويع نشاطاته وإعادة ترتيب أولوياته على نحو آخر.

mozalmalki@hotmail.com
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 01:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1145.htm