رائدات - احمد عبد الحميد

الأربعاء, 31-مايو-2017
راائدات القاهرة / بقلم أحمد عبد الحميد -
كتاب " نعمة الفشل ...كيف تتنحى جانبا لتفسح الطريق لنجاح طفلك" The Gift of Failure: How to Step Back and Let Your Child Succeed والذي يعد من أفضل الكتب مبيعا في العالم في مجال تربية الأطفال ، وهو من تأليف جيسيكا لاهى، كان من الممكن أن يصبح مصدرا للإحباط لدى الكثير من آباء وأمهات المراهقين.ففي كتابها ، الذي يتميز بأسلوبه الرائع والشيق ، توضح لاهى كيف أن السماح لأطفالنا بمعايشة تجربة الانتكاسات ، بدلا من مساعدتهم على تجنب الفشل، يعد أفضل وسيلة بالنسبة إليهم للعثور على ضالتهم المنشودة المتمثلة في أمور كثيرة من قبيل الحافز والتوجيه والنجاح. بيد أن لاهى معلمة أيضا في المدرسة المتوسطة والثانوية وأم لطفلين مراهقين. ومن ثم، فإن قضايا المراهقين تعتبر محور اهتمامها . وعلى الرغم من هذا الكتاب ينطوي على قيمة كثيرة لآباء وأمهات الأطفال الأصغر سنا، إلا أنه على جانب كبير من الأهمية لآباء وأمهات المراهقين أيضا.

والرسالة التي تريد لاهى إيصالها من وراء تأليف هذا الكتاب لا تستهدف الآباء والأمهات الذين يميلون إلى المغالاة في تدليل أطفالهم والذين عادة ما يجسدون الشخصية المرحة التي تتمحور حولها العديد من الكتب التي تتناول موضوع الأبوة والأمومة. وهي لا تروي قصصا عن الأمهات غير العاملات اللواتي ينتقلن إلى المدن حيث يذهب أطفالهن إلى المدرسة أو الآباء الذين يتعذر عليهم التغلب على خصومهم على حلبة الملاكمة، ومن ثم ، فإن هذا الكتاب الجديد الرائع لا يعير اهتماما للأب المصطنع الذي ينتحل شخصية مغايرة لشخصيته الحقيقية ، ولكن بدلا من ذلك يركز على كيف يمكننا، نحن الآباء النموذجيين، الاقتناع بأن الأبوة الحقيقية هي الأبوة الصالحة.

فبعد عشر سنوات من عمل مؤلفة الكتاب في حقل التعليم وعشر سنوات أخرى كأم، توصلت إلى نتيجة مهمة مفادها أنه مع وجود أفضل إرادة في العالم وفقط بعض النوايا الحسنة، فإننا نحن الآباء قد علمنا جيلا من الأطفال معاني خاطئة تتعلق بالخوف وتجنب الفشل. وبإقدامنا على ذلك، كما توضح لاهى ، نكون قد أوصدنا أبواب النجاح أمامهم .
وكما تشير الكاتبة ، فإن تحقيق العديد من الأشياء لأطفالنا، ومساعدتهم على بلوغ النجاح وتجنب الفشل ، تشكل في مجموعها أفعالا تعكس مدى الحب الذي نكنه لهم . بيد أنها تؤكد أيضا أن أن الأفعال والسلوكيات التي تجنح إلى العنف والتخريب ، حتى لو كانت غير مقصودة ، لا تجعلنا نشعر بأننا بحالة جيدة كآباء وأمهات لأنها تحول دون بلوغ أطفالنا المسارات المؤدية إلى الكفاءة والاستقلالية. ولهذا ،تضع المؤلفة جملة من التحديات أمام أولياء أمور الأطفال والمراهقين وتحثهم على إعادة التفكير في الطريقة التي يتبنونها في تربية أطفالهم، حيث تقدم نموذجا جديدا في هذا الصدد. وحول هذه النقطة الجوهرية ، تقول المؤلفة: "مهمتنا هي أن نغرس مفاهيم الكفاءة والاستقلالية والدوافع الذاتية في نفوس أطفالنا"، مشيرة إلى أنه في ظل توفر أفضل النوايا، يمكن لنا أن ننمي روح الاعتماد على الذات لديهم، وتمهيد الطريق لأطفالنا ، مع ضرورة افتراضنا أن هناك متسعا من الوقت، قبل بلوغهم سن الرشد، لكي نعلمهم كيفية الدفاع عن أنفسهم.

وفي إيصالها لهذه الرسالة التي تنطوي على مضامين بالغة الأهمية ، نلاحظ أن مؤلفة الكتاب لا تفعل ذلك من علياء وهي بمعزل عن القارئ، بل إنها تحرص على أن تشعره من الصفحة الأولى بأنها أم قبل أن تكون كاتبة وأنها، شأن الكثير من الناس، تربط نجاح الأبوة والأمومة بالقدرة على المحافظة على أطفالنا بعيدا عن أي أذى في الطريق، وهو المصطلح الذي نستخدمه في أوسع نطاق ممكن.

وبالنسبة إلى الآباء والأمهات ممن لديهم أطفال أكبر سنا، نجد أن الأقسام المخصصة لكل سنة من سنوات مرحلة المدرسة الثانوية تمثل بعضا من أفضل فصول الكتاب. إذ تختار المؤلفة كل سنة من هذه المرحلة الدراسية على حده لكي تتناول أبرز تحدياتها. فهي تقدم الرؤية الخاصة كأم والمشورة على أساس الصف الدراسي تلو الآخر، وعلى نحو تدريجي، حول كيفية الوصول إلى المراحل النهائية ابان فترة الطفولة. والأهم من ذلك أنها تتناول الموضوع الحيوي المتعلق بمشكلة الثانوية العامة كمرحلة تشكل هاجسا رئيسيا لكل أسرة باعتبارها ، وعلى حد قولها "من الأهمية بحيث أنه لا مكان فيها للفشل".

الكتاب يقع في ثلاثة أجزاء تشكل في مجملها إثني عشر فصلا بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة. الجزء الأول بعنوان" الفشل: أداة الأبوة والأمومة الأكثر قيمة في حياتنا" ، ويتضمن أربعة فصول يتناول الأول موضوع الفشل وكيف أنه بات كلمة بغيضة ، مع لمحة تاريخية موجزة عن مفهوم الأبوة والأمومة في الغرب الأوروبي.ويتناول الفصل الثاني الأسباب التي تكمن وراء إخفاق الآباء والأمهات في تنشأة الأطفال على الاعتماد على النفس ، في حين يستعرض الفصل الثالث مسألة الأبوة والأمومة من منظور الاستقلالية والجدارة . أما الفصل الرابع فيتناول العلاقة بين الثناء والتشجيع من ناحية والإعتزاز بالنفس من ناحية أخرى.

وفي الجزء الثاني، بعنوان " التعلم من الفشل: تعليم الأطفال تحويل الأخطاء إلى نجاحات" ، فيشتمل على خمسة فصول ، الأول يدور حول الفرص المتاحة لإثبات الجدارة والكفاءة ، والثاني يتناول موضوع الأصدقاء وكيف أنهم شركاء أساسيين في صناعة الفشل أو النجاح وتشكيل الهوية.أما الفصل الثالث فهو مخصص للألعاب الرياضية ودورها في حياة الطفل، كما يتناول الفصل الرابع المراحل العمرية الأولى من المراهقة واحتمالات الفشل فيها ، في حين يتحدث الفصل الخامس عن المرحلة الثانوية وما بعدها وصولا إلى مرحلة الاستقلالية .

والجزء الثالث والأخير من الكتاب بعنوان " النجاح في المدرسة: التعلم من الفشل جهد جماعي" ، يحتوي على ثلاثة فصول ، حيث يستعرض الفصل الأول موضوع الشراكات بين المدرس وكيف أن الخوف من الفشل يقوض العملية التعليمية، في حين يتناول الفصل الثاني الفروض والواجبات المنزلية وكيفية المساعدة على انجازها ، بينما يستعرض الفصل الثاني القيمة الحقيقية للحصول على درجات منخفضة .


تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 23-أبريل-2024 الساعة: 12:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1094.htm