رائدات - زينب عيسي

الثلاثاء, 21-مارس-2017
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
يوم 21 مارس من كل عام مناسبة يستقبلها كل منا بطريقته ..ما أن يحل اليوم تسعد قلوب وتحزن قلوب هو يوم عيد الأم يبتهج له من أمهاتهم علي قيد الحياة ويحتفلون بها بطرق محتلفة ،لكن من فارقته أمه يمثل هذا اليوم له ميعاد حزن متجدد تتقلب فيه الذكريات مع تلك الحبيبة التي غادرت الدنيا بعد رحلة عطاء وتضحية لابنائها دون ملل او شكوي ..فعلاقة الام بأبنائها علاقة من نوع خاص ..حبل سري يظل ممتدا بينها وبينهم طول العمر وما بعده ، وهم بدورهم لاينفطمون ابدا من حبها ورعايتها يظلون وان كبروا اطفالا يحتاجون اليها وان اصبحوا اجدادا وجدات ،يستمتعون بقلقها عليهم وسخطها علي افعالهم البلهاء ،ربما ينقمون في فترات المراهقة والشباب علي حرصها المبالغ فيه عليهم وعصبيتها لاجل صالحهم، لكنهم لايميزون في تلك المرحلة بين الخوف والشدة ، وان بدت ظاهريا قسوة لكنها تحمل في داخلها الرفق بهم من القادم وبخبرتها الواسعة تحاول بكل الطرق ان تجنبهم ما قد يجلب عليهم المتاعب .

هكذا كانت امي وكنت مثل هؤلاء في بواكير الصبا والشباب حتي نلت شرف الامومة تحول الامر الي النقيض صرت أنا من يخاف عليها بل أرتعب لوعكة صحية بسيطة قد تلم بها ، أدركت ايضا بعد الامومة اننا حين نصير امهات نكتشف جيدا قيمة ذلك الكائن النوراني الذي ولد من رحمه عظماء العالم ..اتذكر جيدا قبل وفاة امي كيف كانت العلاقة بيننا تحولت تلك العظيمة الي طفل يحتاج الي الرعاية والاهتمام .اصبحت اكثر حساسية واقل صبرا فتحولت انا بدون شعور كالام بالنسبة لها وقد كان يسعدها ذلك كثيرا .بالفعل تتبدل الادوار بين الامهات والابناء وتلك حكمة الهية اودعها الخالق في قلوبنا لترعانا امهاتنا في الصغر ونرد لها جزء ولو قليل من فضلها علينا حين نكبر.

حين نكبر نكتشف ان وراء ضحكات أمهاتنا العظيمات دموعا داخلية لم ترغب في كشفها لنظل علي برائتنا وضحكنا ولهونا ..حين نكبر نتيقن أننا لم نكبر وحدنا بل أمهاتنا قد كبروا وهرموا واوشكن علي الرحيل .. حين ترحل أمهاتنا لا تجد شكوانا سبيلا تهتدي اليه فكان حضنها هو الملاذ والراحة من هموم العالم ،ومشكلات الحياة التي لم تكن لنتنتهي لولا تدخلها بحكمة وروية ..أمهاتنا نبع من الخبرة والمسئولية وفيض من الحنان والحب ..فهنيئا لمن له أم علي قيد الحياة فهو كامل القلب والعقل وبغيابها يذهب نصف كل شئ .وكل الشفقة علي من لم يدرك أمه في حياتها ، ستظل الام المرفأ الذي يشتاقه الجميع ليرسوا اليه ، وتظل هي مجموعة من مشاعر الخوف والقلق والتوتر الدائم على كل من حولها تخفي أمورا كثيرة تقلقها، وتؤثر غيرها على كل ما تحتاجه وتتمناه كي تجد سعادة اسرتها ، وتحمّلت الصعاب في سبيل راحتها، فهي التي أوصى الله-عز وجل-ببرها فى كتابه العزيز فقال:(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وأكد المصطفى صلى الله عليه وسلم المنزلة العالية للأمهات وفضل برهن في غير مناسبة ، ومن ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمُّـك"، قال: ثم من ؟ قال: "أمُّك"، قال: ثم من؟ قال "أمُّـك"، قال ثم من؟ قال: "أبوك" .
كل عام وأمهات العالم بخير
Zuna_press@yahoo.com
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 08:29 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1078.htm