رائدات - الأم ..عطر الحياة  بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

الأحد, 19-مارس-2017
رائدات / بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح -
يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم مبينا مقام ورفعة شأن الوالدين ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) صدق الله العظيم ، وكذلك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة والتى تحض على برالوالدين والإحسان لهما وما ينتظر بار والديه من الثواب والأجر العظيم عند الله جل وعلا ، والحقيقة أنه لا يسعنا المقال لذكر كل الآيات والأحاديث والمواعظ والحكم فى بر الوالدين وخاصة الأم والتى يحتفل العالم العربى بعيدها فى أول ايام فصل الربيع 21 مارس من كل عام .... ولكن يبقى السؤال الأهم ! ... هل نحن حقا نشعر بهذه القيمة والمكانة للأم فى قلوبنا طوال العام كما ينبغى وكما يجب أن يكون ؟! هل نحن نحب الأم ونقدرها ونعلم حقوقها علينا وتضحياتها بلا قيد أو شرط لهذا الحب ؟! .
فى الواقع وللأسف الشديد هذا السؤال يطرح نفسه بقوة فى مخيلتى بعد أن انتشرت ظاهرة عقوق الوالدين وخاصة عقوق الأم وهى ظاهرة خطيرة تهدد بنسف القيم الأخلاقية وتنزع الرحمة من القلوب ويتحول معها المجتمع من مظاهر الرحمة واللين إلى القسوة والغلظة .. وكارثة عقوق الوالدين ليست شأنا خاصا كما يتوهم البعض ولكنها جريمة مستمرة فى حق الوفاء وصلة الرحم وكل مظاهر التماسك الأسرى والمجتمعى والتى تكون لها تبعات خطيرة على المجتمع بأكمله ، ولذلك صدق قول الشاعر حافظ إبراهيم فى بيته الشهير عن فضل الأم (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ) الأم لا تحتاج يوما كل عام لتكريمها والإحتفاء بها ولكن تحتاج إلى أرواحا تحلق فى فضاءات وفائها ورياض جنتها ولا يدرك ذلك المعنى إلا البررة الناجون من جحيم قسوة القلوب وتحجرها ، هؤلاء أصحاب القلوب النظيفة والقيم الاخلاقية العليا الذين يعلمون يقينا أنه مهما حاولنا أن نرد الدين للأم فلم ولن نقدر على إختراق حدود قدسية مكانتها الجليلة لأنها الوعاء الأقدس الذى تُنفَخُ فيه الروح لتحيا نفسٌ جديدة وحياة قادمة لخلق جديد وهى الغذاء والحضن الأول ، وهى من تجعلنا من فرط حبها لأبناءها نشعر بأنها لا تفارقهم لحظة حتى وإن فارقت الحياة الدنيا تظل روحها تظلل معانى غرستها قبل الرحيل فى القلوب والوجدان .
إن حب الأم للأبناء يفوق أى حب آخر هو حب مفعم بالحنان والإرتباط النفسى الشديد الذى نحن جميعا نعايشه ونعلمه بصدق ، لذلك أتعجب من هؤلاء القساة الغلاظ الذين يعقون من كانت سببا فى وجودهم وتربيتهم ومنبع ثقافتهم المجتمعية ، وهنا يأتى دور المؤسسات الدينية والهيئات المدنية والوزارات المختلفة ووسائل الإعلام فى توعية النشء والشباب وأن نترك هذه البيروقراطية والكلام الممل المكرر ونبتكر طرق جديدة ومختلفة لتنشيط الوعى ولم شمل الفرقاء وليكن على سبيل المثال برامج تليفزيونية خارج الاستديوهات المغلقة تبحث هذه المشكلات على أرض الواقع ومسابقات فى المدارس والجامعات كمقالات وقصائد شعرية عن الأم وفضلها وأيضا فى المساجد تكثيف الخطب والمواعظ ولو مرة شهريا فى خطب صلاة الجمعة وكذلك الأعمال الفنية السينيمائية والدرامية والغنائية وليكن الإحتفال بالأم وتكريمها عمل دائم ومستمر طوال العام وليس فى يوم واحد كما جرت العادة ، فهذه القسوة ليست من فراغ ولكنها وليدة الإهمال فى الوعظ والإرشاد وتبيان الحقوق والواجبات ، وأيضا هى فرصة للآباء والأمهات فى مراجعة أساليبهم التربوية للأبناء حتى ينشأوا أسوياء ولا ينكروا حق وفرض طاعة الوالدين .
وختاما أتوجه إلى كل أم بالتهنئة والدعاء إلى الله بأن لا يحرمها الأجر والثواب العظيم وطاعة الأبناء وحبهم ووفائهم.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 05:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1075.htm