رائدات - رجب الدسوقي

الإثنين, 20-فبراير-2017
رائدات القاهرة/ رجب الدسوقي -
بلد قدرها خطير ..ذكرها في كل زمان .. خطابها من الملوك كثير .. محلها من النفوس أثير ، فكم هاجت من كفاح ، وسلت عليها من بيض الصفاح ، لها قلعة شهيرة الإمتناع بائنة الارتفاع معدومة الشبه والنظير في القلاع ، تنزهت حصانة أن ترام أو تستطاع ، قاعدة كبيرة ومائدة من الأرض مستديرة ، منحوتة الأرجاء موضوعه على نسبة اعتدال ، واستواء ، فسبحان من أحكم تقديرها وتدبيرها ، وأبدع كيف شاء تصويرها وتدويرها ، عتيقة في الآزل ، حديثة وإن لم تزل قد طاولت الآيام والأعوام ، وشيعت الخواص والعوام ، هذه منازلها وديارها ، فآين سكانها قديما وعمارها ، وتلك دار ممتكلها وفنائها فأين أمراؤها الحمدانيون ، وشعراؤها أجل فني جميعهم ، ولم يأن بعد فناؤها فيا عجبا للبلاد تبقي وتذهب أملاكها ، ويهلكون ولا يقضي هلاكها ، تخطب بعدهم فلا يتعذر ملاكها وترام فيتيسر بأهون شئ إدراكها ، هذه حلب كم أدخلت من ملوكها في خبر كان ، ونسخت ظرف الزمان بالمكان ، أنث اسمها فتحلت بزينة الغوال ، ودانت بالغدر فيمن خان وتجليت عروسا بعد سيف دولتها ، ابن حمدان ، هيهات هيهات ، سيهرم شبابها ، ويعدم خطابها ، ويسرع فيها بعد حين خرابها ، وتتطرف جنبات الحوادث إليها حتى يرث الله الأرض ومن عليها لا إله سواه سبحانه جلت قدرته .


كانت حلب في غابر الزمان ربوه يأوي إليها إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ،، ومعه بعض الغنمات يحلب لبنها ، فلذلك سميت حلب ، الماء بها نابع ، والطعام يصير فيها الدهر ،أين آيامك ولياليك يا حلب ، مدينة أبو الأنبياء ، ماذا فعل أهلك بك من هلاك ودمار ، وإغتيال ، قتلوا وشردوا آطفالك وهجروا ديارك ، فأصبحت كالآطلال وبقايا عمار ، ، لماذا يقتل الإنسان أخوه الإنسان ؟ لعنة الله على من أهاج الفتن والدمار ، لعنة الله على كارهي الحب والسلام ، لعنة الله على مدمروا الإنسانية ، وحمامة السلام ، لعنة الله من يفشي في الأرض الفساد ، لعنة الله على من كان سببا في دمارك يا حلب الأحلام ، ستعودين كما كنت شامخة عبر الزمان ، بأكلاتك الشامية ، وأغانيك الحلبية ، وسماحة الزمان . سيعود أهلك يضمدون جراحهم ، ويفندون البيان ، ستشرق شمسك من جديد بالحب والسلام .


عار عليكم يا عرب فيما تسببتم لحلب الأمان ، هل عرفتم وأدركتم كم كُنتم مسلوبي العقل والوجدان . كفي ،، أفيقوا ، وضمدوا الجراح والأحزان ، كفروا عن خطاياكم في حلب ، وبغداد وطرابلس وعدن ، ولبنان .. أصلحوا ما أفسدتم لتبرؤا ساحتكم أمام الأطفال والأجيال ،لا تبكوا على اللبن المسكوب ، ولكن إعملوا على إعادة حلب اللبن من جديد للولدان ، كما كان يفعل أبوكم إبراهيم في قديم الزمان .
يا رب إهدي أبناء العروبة للحق والصواب ، وإجمع شملهم بعد التشرذم ، وتفتت البنيان ، فالكراسي والمناصب زائلة ، وإن كُنْتُمْ غير متأكدين ، إقرأوا التاريخ لتعرفوا إمبراطوريات زالت ، وأين هم الآن القياصرة وبنو أنوشروان .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 08:12 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1066.htm