رائدات - زينب عيسي

الخميس, 08-ديسمبر-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
نتساءل أحيانا عن الحكمة الإلهية من مصائب قد تحل بنا او تبدل حالنا من فرح الي حزن ومن سرور الي غم ولسان حالنا يقول أليس في يد الله سبحانه وتعالي أن يسعدنا الي الابد ويغنينا جميعا ويديم علينا نعمة الصحة علي الدوام، بيد أن الله جل شأنه لم يخلق الكون عبثا بل خلق كل شيء بقدر وميقات معلوم وصفات مختلفة لايتشارك أو يتشابه فيها المخلوقات والكائنات ، كل له بصمة مختلفة وطبع مغاير وجينات خاصة به، لذلك اختلفت أحوال العباد فمنهم من يعيش في رغد ورفاهية وغيره يشكو من ضيق ذات اليد ،هناك من يعاني المرض وغيره يشكو من وفرة الصحة ، وآخرون يحصدون ثمار النجاح وغيرهم يعانون خيبات متكررة ،الفارق هنا في الصبر والرضا وادراك الأسباب ، وهي عطايا ربانية يخصها الله بعباده المخلصين لكنها ليست مجانية بل تحتاج ان يعمل الانسان عقله وضميره ويبذل جهدا ليحصل عليها .

وحين ندرك أننا نعيش حياتنا في اختبار للصبر علي المكاره والحمد علي النعم يزيدنا الله من كرمه وعطائه اللامحدود شريطة أن نتذكر أن الصبر ليس كلمة تقال لكن فعل يترجم الي صفة حميدة يجب علينا أن نتأسي من خلالها برسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام والذي تحل ذكري مولده العطرة هذه الأيام وهو سيد الخلق والبرية وكان يسيرا علي الله سبحانه وتعالي أن يمنحه مال الدنيا وكل أسباب السعادة والجاه والقوة والصحة، لكن صبره (صلى الله عليه وسلم) يفوق كل وصف، فلقد صبر صبرا يفوق صبر أيوب عليه السلام في الغنى والفقر، وفي السلم والحرب، وفي الصحة والسقم ،ولد (عليه السلام)يتيما، وتحمل لوعة وأسى اليتم، وكبر وكبرت معه مصائب الدنيا، فمات عمه وماتت زوجته، وأوذي أشد الاذى، وكذب أشد التكذيب، ورمي في صدقه، فقيل: مجنون وشاعر، وكذاب وكاهن وساحر، فكان صابرا راضيا.

وكيف لا يرضى ويصبر وهو الذي أنزل عليه قول الله تعالى: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”. وقوله سبحانه: “ولئن صبرتم لهو خير للصابرين”. فما وصلنا أنه سخط يوما على قضاء الله، أو تبرم يوما من قدر الله، أو جزع يوما من مراد الله. مات ولده بين يديه فكان راضيا وصابرا، تنساب دموع الرحمة على خديه ليعلن للبشرية كلها أنه بشر، يصيبه ما يصيب البشر، وان الله يرحم من عباده الرحماء.فيقول عليه الصلاة والسلام : (ان العين لتدمع، وان القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا).وهو من قال صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط).

والصبر كما يقول العلماء ضياء يضيء الطريق لصاحبه في الدنيا والآخرة.فمن صبر علي المكاره كتب الله له خيرا في الدنيا والآخرة، وقد تعلمنا منه صلى الله عليه وسلم ان الجزع وعدم الصبر لا يرد مفقودا وذاهبا، ولا يبعث ميتا، ولا يرد قدرا، ولا يجلب نفعا.
وفي ذكري مولده الكريم علينا أن نتأسي بصفاته العظيمة ونتخذ من حياته نموذجا نهتدي به علي طريق الصبر والظن بالله خيرا وانتظار الفضل الكبير.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 04:38 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1054.htm