رائدات - زينب عيسي

الجمعة, 25-نوفمبر-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
في حياة كل أمة نساء تكتب أسمائهن بحروف من نور نظرا لمواقفهن الشجاعة وتضحيتهن في سبيل المبادئ والقيم ،وتعتبر الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أحدي هولاء العظيمات .وقد رحلت منذ أيام قليلة عن الدنيا تاركة ميراثا ضخما من المؤلفات والمواقف التي لم تكن تتخذها الكثيرات خاصة في الحقبة الساداتية التي اقترن فيها اسمها بقضايا أثارت خلالها العديد من المعارك دفاعا عن مصر وحضارته وشعبها ، من أهمها قضية هضبة الأهرام، وقضية دفن النفايات الذرية وقضية الدفاع عن قبة الحسين وقضية الدفاع عن الآثار الإسلامية وقضية أبو الهول وقضية الآثار المصرية التي استولت عليها إسرائيل أثناء احتلالها سيناء.

و كان لفؤاد معركة كبيرة سميت بمعركة "مشروع هضبة الأهرام"، حينما أعلن الرئيس السادات عن إقامة مشروع سياحى ضخم لملاعب الجولف عند هضبة الهرم، لم تخش وقتها بطش السلطة وأعلنت رفضها للمشروع خوفاً من تأثير المياه والرطوبة على الآثار، وأقامت دعوي قانونية ضد رئيس الجمهورية وقت أن كان ذلك فى نظر البعض نوعاً من المقامرة والجرأة غير محسوبة العواقب فلم تهدأ او تخشي من تحذيرات البعض إلا مع تراجع السادات عن قراره.

وأتسمت فؤاد بصفتين قلما تتواجدا في الكثيرات رجاحة العقل والقرار يدعمهما الثبات علي المبدأ ، ففي أواخر تسعينات القرن الماضي، خاضت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد ـ رحمها الله ـ معركة صحفية واسعة على صفحات جريدة الأهرام المصرية دفاعا عن اللغة العربية، ومن أجل عودة تدريس التربية الإسلامية بالمدارس، بطريقة تتناسب مع وجود الدين في حياة المسلمين، باعتباره محورا رئيسا في تشكيل عقائدهم وقيمهم وأخلاقهم.

وقالت وقتها : معركتي من أجل الدين واللغة خضتها من أجل الجيل الموجود في المدارس والأجيال القادمة. أما الذين تخرجوا ولا يعرفون لغة القرآن الكريم؛ فحسابهم يقع على المسؤولين عن التعليم، منذ كان هؤلاء الضحايا طلبة في المدارس.


ولدت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد عام 1924م بمغاغة بمحافظة إلمنيا بصعيد مصر، وحفظت القرآن الكريم في طفولتها، ثم انتقلت من مغاغة إلي ضاحية حلوان في القاهرة، لتلتحق بالمدرسة الثانوية الداخلية للبنات في حلوان، وتخرجت من كلية الآداب جامعة القاهرة، ونالت درجة الماجستير في أدب المازني، وكانت رسالتها للدكتوراه عن "النيل في الأدب العربي".

ولها عبارة شهيرة تقول فيها: "شيء كبير أن يكون للإنسان قلم، ولكن شيئا نفيساً أن يكون للإنسان موقف، ومن نعم الله علي أن وهبني الكلمة والقرار، أعني القدرة على الاختيار الصعب، فعرفت المواقف، وتحملت في سبيل مواقفي الكثير، وعلوت على الإغراءات والعروض والمناصب والبريق".

من بين مؤلفات الدكتورة نعمات كتاب "رسائل إلى ابنتي" الذي بدأت فيه في نحو العام ١٩٥٥م، قصة الكتاب كما ترويها، بدأت منذ لحظة معرفتها بأنها باتت على شفا خطوة من الأمومة، فبدأت في كتابة ما يطرأ على بالها من عبارات، تعبر عن مشاعرها تجاه جنينها، وعقب الولادة العسرة التي ألمت بها، شعرت بالخواطر تنهال على رأسها، وبخاصة بعد علمها بأن المولودة أنثى، فطلبت من الممرضة أوراقاً وقلماً، فكتبت ما كتبت وليحوي الكتاب إلى جانب المشاعر، المعلومات التي تزرع في النفس الانتماء، وتنشط في الروح العزة، وتفتح للعقل الآفاق.وتتنقل بالحديث بين الفلاحة المصرية إلى المرأة العربية، ثم تأخذك لتحكي عن قيمة المال، وقيمة الصداقة، ومعني الدين والثقافة، وفن اختيار الزوج.فكانت تقول: إذا رأت عينيك رجلا يرتاد المقهى بإصرار. فاعلمي أن الرابطة العائلية في بيته مفقودة. اعلمي أن بيته أشبه بفندق يجمعه به الأكل والنوم. وقد كان هذا حال بيوتنا في الماضي. وبعض بيوتنا في الحاضر. حيث تكون السيدة تافهة الحديث. متشابهة الأيام. محدودة الآفاق قليلة الوسائل.

ومما تنصح به الفتيات في كتابها قولها: إن الأمومة يا ابنتي ليست مجرد حمل ووضع ورضاع؛ لأن هذا تتساوى فيه الأنثى من كل نوع. وهي عملية دنيا فائدتها للنوع أكثر منها للفرد. ولكن الأمومة في جوهرها يا ابنتي بناء وإنشاء وغرس. فإذا سَمَقَ - علا وارتفع - البناء وأعجب الإنشاء، وازدهر الغراس، انتصرت الأمومة في المرأة.

وتقول أيضا: حذار أن تتخذي العلم سلاحاً، أو تتوسلي به الوظيفة فحسب. إنك بصفتك مثقفة - لا متعلمة فقط - لابد أن يكون لك أهداف إنسانية تفيد هذه المعمورة من حولك.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 05:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1053.htm