رائدات - زينب عيسي

الخميس, 10-نوفمبر-2016
رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي -
تعيش بيوت كثيرة في وقتنا الراهن حب منقوص فرضته ظروف الحياة والحالة الاقتصادية من ناحية وسوء معاملة أحد الطرفين للآخر ،وتلك الأسباب وغيرها حدت النفوس أن تهفو إلى جمع الحب بنصفيه، بعد أن تاهت السبل في الطريق إليه مكتملا .و ضياع الحب يأتي حتما من محاولة الزوج لفرض سيطرته علي الزوجة أو جهل الأخيرة بدورها داخل أسرتها ،والسطور التالية موجهة إلى الذين وجدوا في حياتهم من الحب نصفه وتتوق نفوسهم إلى نصفه الآخر، والذين يتمنونه في سرهم ونجواهم وتتحراه أعينهم وتشتاق إليه قلوبهم.الي كل رجل أخطأ طريق الحسني في معاملة رفيقة دربه .وهو نوع من رجال ماأن تطأ أقدامهم البيت يتحولون الي كائنات شرسة تسعي لفرض سلوكها البغيض وسيطرتها علي النساء لمجرد الظهور بمظهر الرجل القوي ،والنساء أمام تلك النماذج أما منكسرات خاضعات لدواعي العشرة والأولاد فيصبن بالامراض النفسية ويتحولن الي جسد لاروح فيه ولاحياة ،او متمردات أمام جبروت الرجل فتتحول الحياة الي الجحيم بين الزوجين وينقلب البيت الي مقبرة لمؤسسةالزواج والهدف السامي من وجودها بالأصل .

عن هذا النوع من الرجال تحدث المفكر الإسلامي الكبير الدكتور محمد أبو بكر حميد في كتابه الممتع الهادف "النصف الآخر للحب" الذي صدر عام 2007 ويولج داخل اسرار الحياة الزوجية واصفا بدقة العلاقة المثلي بين الرجل وزوجه والتي يجب ان تقوم علي الود والمحبة والرحمة ،وفند حميد أسباب سقوط هؤلاء الأزواج في نظر زوجاتهم واصفا إياهم بالوحوش الكاسرة التي تقضي علي الأخضر واليابس لاثبات رجولة زائفة يكشفون فيها عن القناع الزائف الذي يخدعون به الناس.

في وصف هؤلاء الرجال اعجبني قول د.ابو بكر حميد : رجال للأسف الشديد إذا ما غضبوا في بيوتهم تحولوا إلى وحوش كاسرة تحطم كل شيء، وانطلقت ألسنتهم على زوجاتهم فيلبسونهن كل نقيصة، ويقذفونهن بفاحش الكلام، وبذيء اللفظ، ولا يتركون فيهن شيئاً لا يقبحونه.

وبعض هؤلاء الأزواج يتجاوز هذه الحدود فيمن على زوجته بما قدمه لها ولأهلها ولعشيرتها، وتتقبل أحسن الزوجات كل هذا «السقوط» و«التقبيح» راضيات صابرات، وتمتص الزوجة الحكيمة هذه الثورة العاتية وتنحني أمام عاصفتها الهوجاء حتى تمر، ثم تعالج الموقف بعد أن يهدأ الزوج بالتي هي أحسن، فإن كان من معدن طيب ثاب إلى رشده، وأدرك خطأه، واعتذر لهذه الزوجة الحكيمة، فكانت هي المنتصرة.. وإن بادلته الزوجة شتيمة بشتيمة، وقبيحا بما هو أقبح منه.. هوى السقف فوق الجميع وتحولت الأسرة إلى ركام وتحول الحب إن كان بينهما حب إلى انقاض، وأصبح في خبر كان لتتمخض ما بقيت لهما من أيام وشهور عن المزيد من التعاسة والشقاء.
والعجيب أن الكثير من هذا الصنف الشرس في تعامله مع زوجته والعنيف داخل بيته تجده خارج بيته شخصا آخر تماماً، فهو في منتهى اللطف والرقة والأدب مع الناس.. بل تجد أن بعض هؤلاء في غاية الحلم والتسامح مع الذين يسيئون إليهم.. إن هذا النوع يكون في منتهى الطيبة والبراءة.. وربما حقيقة لا تمثيلا.. مع كل الناس إلا مع شريكة الحياة ورفيقة العمر، بحيث إنها لو اشتكت سوء خلقه لما صدقها أحد من خارج بيته، وهذه حالة يقول علم النفس فيها كلاماً كثيراً أقل ما فيه أن الرجل الذي يأتي هذا السلوك مع شريكة حياته لا يحمل في قرارة نفسه احتراما يليق بانسانية هذه الانسانة التي تشاركه حياته وتقترب منه أكثر من أي مخلوق في هذا الكون.

وقد يقول قائل إن هناك أزواجا تغلب عليهم حدة الطبع فيتساوى سلوكهم داخل البيت وخارجه، فنقول له إن هؤلاء ولله الحمد قلة، وهذا النوع إذا ما ترك له القياد لحدة طبعه لن يبقى لنفسه على زوج داخل البيت، ولا على صديق خارجه، ولكن المؤسف حقا الذي نريد الوقوف عنده هو ذلك النوع من الرجال، بصرف النظر عن حدة طبعه أو هدوئه، يترخصون في النيل من كرامة زوجاتهم وتقبيحهن بأقذع الألفاظ إذا ما ارتكبن خطأ بسيطاً.

ثم يدعي بعض هؤلاء بتبجح أنه لم يمد يده يوماً على زوجته بعصا وينسى أنه قد مدها بما هو أطول من العصا، وأشد إيلاما وأكثر ضراوة ألا وهو اللسان، وتجريح المرأة بهذا الشكل باللسان يعد اعتداء آثما على انسانيتها وكرامتها أكثر من الضرب.

فما بالك بالذين يجرحون زوجاتهم ليل نهار بمثل هذا السلوك، ويتمادون فيه حتى أمام الآخرين، ولا يرتكب الزوج حماقة أشد إيلاما على الزوجة من توبيخها أو رفع الصوت عليها أمام غيرها سواء كان هذا الغير أهلها أو أهله أو غيرهم، فإنها قد تحتمل منه تلك القسوة إلى حين فيما بينها وبينه أما على مرأى من الغير فإن ذلك منتهى الاستهانة بكرامتها.

وقد نهى الرسول صلوات الله وسلامه عليه من تقبيح المرأة بالكلام الفاحش الجارح، فقد جاء في السنن والمسند «عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال: يا رسول الله، ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال صلى الله عليه وسلم: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجد إلا في البيت».

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يسمع منه مخلوق كلمة نابية بما فيهم زوجاته قط، ولا قال يوما لأحد أتى بفعل لم فعلت أو لم لم تفعل، فهل من قبس من نور خلقه مع زوجاته يستضيء به الذين يمشون في الظلمات من أبناء أمته هداهم الله.

zuna_press@yahoo.com
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 08:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.raedat.com/news-1046.htm