رائدات القاهرة/ بقلم زينب عيسي - ارتسمت في اذهاننا صورة وحيدة عن فاقدي البصر تلك التي تأتينا من خلال مشاهدتنا التلفاز والأفلام والدراما عن شخص يرتدي نظارة شمسية يتحرك بالعصا ويحتاج إلى من يساعده ويلازمه للاعتناء به طوال الوقت . كما أن إعاقته تحول بينه وبين رؤية العالم الذي يتمتع بنوره المبصرين. فهو محروم من الاستمتاع برؤية الطبيعة والأشياء الأخرى.والتعرف علي الانطباعات والانفعالات الإنسانية من فرح وحزن ودهشة وابتسامة وغضب ووداعة .
ورغم أن طريقة برايل (نسبة الي مخترعها )أحدثت ثورة في عالم التواصل بالنسبة لفاقدي البصر، ومن ثم انتشر أسلوب الكتابة (الترميز) .لكنها لم تحقق لقطاع كبير منهم مايحلمون به من انفتاح علي العالم ليس فقط عن طريق لمس الحروف والذي يستدعي أولا المعرفة الجيدة بالقراءة والكتابة ،فاكتفوا بأمنيات في خيالهم منتظرين رائدا جديدا يحقق لهم أملهم المنشود في أن يندمجوا داخل مجتمعاتهم ويمارسون هواياتهم وابداعاتهم ويستمتعون بأشياء أخري كثيرة لم تكن لتوفرها لهم سوي التقنيات الحديثة.
وواجه فاقدو البصر كثير من الصعوبات خاصة متذوقي الفنون من أنهم غير قادرين علي مشاهدة اللوحات والاعمال الفنية في المعارض والمتاحف لانهم غير مسموح لهم بلمسها . تلك كانت معلوماتنا عن المكفوفين الي ان تغير الامر عندما قامت شركة "3dphotoworks" بتحويل أشهر الأعمال واللوحات الفنية لأعمال ثلاثية الأبعاد مما يسهل على فاقدي البصر التعرف عليها عن طريق اللمس كما لو كانوا مبصرين.
وهي تجربة تحويل اللوحات الي اعمال ثلاثية الابعاد خرجت الي النور علي يد الكفيف "روميو إيدميد"، الذي أكد أن علاقته بالفنون كانت دائما معقدة لأنه كان يذهب في رحلات مدرسية للمتاحف، مدركا أن أصدقاءه المبصرين سيشاهدون ما لن يشاهده، مما جعل الأعمال الفنية بالنسبة له مجرد مفردات يكتبها بدون امتلاك أي صورة ذهنية عنها.
كما تحدث روميو عن تجربة تحويل اللوحات الى أعمال ثلاثية الأبعاد؛والتي استغرقت 7 سنوات واعتمدت تلك الطريقة علي جمع بيانات عن اللوحة وتحويلها لبيانات ثلاثية الأبعاد ثم إرسالها لآلة تنحت البيانات من مادة أولية معطية إياها أبعادا وعمقا وبنية قبل أن توضع فوق النحت البارز".وتصمم اللوحات بمستشعرات يلمسها الزائر فاقد البصر تعطيه معلومات عن العمل الفني وتساعده في فهمه بشكل أفضل.
ومازال العلم يدهشنا بالكثير والكثير من الاختراعات والابداعات التي تخدم البشرية وترسم البسمة علي وجوه فاقدي البصر وان كانت مستمدة من ابتسامة الموناليزا ،وهو ما وفره متحف "برادو "واحد من المعارض الفنية الأكثر شهرة في أوروبا ، فقد سمح للمكفوفين للتمتع ببعض من أعظم روائع الفن الغربي من خلال إعادة رسمهم بشكل أعمال ثلاثية الأبعاد التي تسمح للوحات أن "ترى" عند لمسها. فتخيل أن هناك أشخاصا لا يعرفون كيف تبدو ابتسامة الموناليزا، أو شكل زهرة عباد الشمس في لوحات فان جوخ، ويعطي مشروع «ديلون» المكفوفين الفرصة لمعرفة ما هو الفن الكلاسيكي، عن طريق الطباعة الـ 3D على الرمال للحصول على هذه الأعمال الفنية بجودة يمكن وضعها في المتاحف، وليس هذا المشروع الأول من نوعه، فقداستخدمت هذه التقنية في تحويل صور سونار الجنين إلى شيء ملموس تستطيع الأم الكفيفة لمس طفلها الذي لم تلده بعد.
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.