رائدات القاهرة/بقلم نوران العدل - نالت قضايا المرأة على اختلاف جوانبها اهتماما بالغا من رجال مصلحين تصدوا لما لحقها من ظلم امتدت آفاقه إلى كافة الأنشطة الحياتية فى عصور كئيبة ابتعد فيها المجتمع عن تعاليم الإسلام وسادت خلالها عادات ومواريث جاهلية تصادر حقوقها الفكرية والاجتماعية.
وقد برزت أسماء فى مجال الدفاع عن حقوق المرأة بدءا من رفاعة الطهطاوى حتى قاسم أمين وكتابه الشهير" تحرير المرأة" الذى شارك فى كتابة بعض فصوله الإمام محمد عبده ثم جاءت صيحة الإمام الغزالى منذ أوائل كتبه فى الدفاع عن حقوقها لتحدث رعبا فى القلوب المتطرفة رغم منهجه المعتدل فحورب وحارب على جبهتين متناقضتين جنحت أحداهما نحو الإفراط والأخرى نحو التفريط .. فقد كان الشيخ الغزالى رافضا لأن تبدو المرأة كبندول الساعة إلى أقصى اليمين تارة والى أقصى اليسار تارة أخرى ولاتستقر مطلقا عند الحد الوسط الذى يطلبه الإسلام.
وغاص فكر الإمام الغزالى فى قضايا المرأة خاصة فيما يتعلق بموضوعات الذهاب إلى المسجد وعلاقتها بالدعوة والعمل الدعوى و فرض الحجاب وصوت المرأة بين الحق والباطل وكذلك خروجها الى العمل والاختلاط ، فلا مانع فى فكر الإمام الغزالى أن تذهب المرأة للمسجد شريطة ألا "تتبجح "فى الطريق أي أن تحدث مظاهرة حولها ، وان تذهب المرأة " تفلة" اى غير متعطرة ولا متبرجة واستند فى ذلك إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى رواه ابو داوود عن ابى هريرة رضى الله عنه حيث قال "لاتمنعوا إماء الله مساجد الله ولا يخرجن إلا وهن تفلات" كما أن المرأ ة مطالبة بنشر تعاليم الدين والدعوة إليه وتحبيبه من أصحاب الديانات الأخرى ولها الأجر وضرب لذلك مثلا بالصحابية القرشية أم شريك وأسماء بنت أبى بكر وام سليم وقصة مهرها الشهير من أبى طلحة وأم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط - ذلك الأب الكافر- ومطاردة إخوتها لها فى رحلة الهجرة وهدية الله سبحانه وتعالى لها " سورة الممتحنة".
وكان من آراء الإمام الغزالى فى قضية الحجاب أن الإمام رصد الكثير من وقته وجهده لرفع شأن المرأة ومثل حجابها احد معاركه التى خاضها كأحد الفرسان النبلاء الذين لايهابون الكثرة مادامت بعيدة عن الحق.وتناول الإمام الغزالى صوت المرأة بين الحق والباطل وكان يرى أن صوت المرأة ليس عورة وإنما العورة فى صوت النساء أن يكون الكلام مريبا مثيرا له رنين ردى مؤكدا انه لايوجد بين رجال الفقه من قال أن صوت المرأة عورة.. وفيما يتعلق بعمل المرأة فقد قسم الإمام الغزالى الأعمال المنوطة بالمرأة والتى ينبغى اختفاؤها وهى تنقسم إلى ثلاثة أقسام منها: مايتعارض وتعاليم الدين ومنها مالا يليق ومساواتها بالرجل ومنها مايزرى بمكانتها إذ أن ممارستها هذه الأعمال يسبب شرخا فى كيان الأمة.
وحول موقف الدين من مسألة اختلاط المرأة بالرجل فقد تلخص رأى الإمام الغزالى فى الآتى" إذا ذكر الاختلاط ارتسمت فى الذهن الصورة الدميمة للعلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة كما استقرت فى الغرب، والحق ان هذه العلاقات سيئة وان وضع المرأة هناك لايرتضيه دين ولانريد أن ننقل المرأة من عهد الحريم الى عهد الحرام".هكذا كانت المرأة فى فكر الإمام الغزالى رحمه الله.
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.