رائدات /بقلم :زينب عيسي - فرضت الصورة النمطية للمرأة في المجتمعات العربية نموذجا قدمه الإعلام في عمومه بشكل تقليدي و سطحي..بما جعلها تظهر في صورة الكائن الضعيف السائر خلف عاطفته وبالتالي فهي غير قادرة علي التفكير العقلاني السليم ، فمعظم الصور التي يقدمها الإعلام تفتقر إلى معالجة الواقع الحقيقي للمرأة ، الواقع الحي الذي تواجهه في حياتها اليومية ، فهي بلا طموحات ولا وجهة نظر في القضايا العامة، ولا حتى في مشاكل محيطهاالطبيعي.
ويطالعنا الإعلام بكثير من الأخبار وقليل من الحقائق وتلك سمة ميزت السنوات الخمس الأخيرة نظرا لتلاحق الأحداث وغموضها وخطورتها ،لكن تظل أخبار المرأة هي الحصان الرابح الذي تتهافت عليه المواقع وحلقات التواصل اللااجتماعي غير عابئة أن تلك الرؤية عن المرأة ستنسحب علي نظرة المجتمع لدورها وكينونتها البعيدة كل البعد عن اعتبارها تلك الدمية التي لاهم لها سوي الاهتمام بالجنس الآخر ، وعروض الأزياء، ومساحيق التجميل ، وفي أحيان أخري تقدم كمرادف موضوعي للفضائح ومادة يتشدق بها الإعلام الاستهلاكي لشغل الرأي العام من ناحية ،وإنعاش جيوب أصحاب رؤوس المال ربما دفعهم ذلك لفتح قناة فضائية تحكي في أخبار النساء وكأن العالم قد اختصر في امرأة هي في نظر تلك المجتمعات الهشة سلعة يراهنون عليها في جذب مزيد من الإعلانات والشهرة.
في ظل هذا الواقع لم يكن مستغربا أن نطالع خبرا منشورا بأحدي وكالات الأنباء العربية وتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي يشير إلي أن محكمة تابعة لدولة عربية رفضت شهادة أحدي السيدات نظرا لأنها لاتلتزم بالحجاب بحجة أن عدم الحجاب يعد مانعا من عدالةالشاهدة على نحو يؤثرعلى نصاب الشهادة. الأمر الذي يكشف ان ترك ساحات المحاكم لاجتهادات فقهية أمر في غاية الخطورة في ظل اتساع مجال الاجتهادات الفقهية،وهو موضوع يناقش في حينه.
الأمر الأكثر غرابة أن ذلك الخبر الذي تلقفته المواقع الإعلامية قد نشر منذ عامين وتم تداوله من جديد لافتعال ضجة كانت من المفترض أن تحدث وقت نشر الخبر ،وان كان ذلك دال علي شئ فمنوط بملحوظتين أولهما :أننا نعيش زمن الضجيج بلا عائد ، فما الهدف المهني أوالأخلاقي من إثارة هذا الخبر من جديد سوي فقاعات إعلامية لاتغني ولا تثمن من جوع ،الأمر الأخر أن اعتبار المرأة غير المحجبة ناقصة الأهلية ،هو الكارثة بذاتها بل ردة إلي عصور الجاهلية وهو ما يتناقض مع تكريم الإسلام للمرأة ، تلك الصورة رسخ لها المجتمع حين اعتبر المرأة مجرد برواز تكتمل به صورة الرجل.وداخل دائرة الضوء في صفحات الحوادث وبطلة قضايا من نوع رخيص إن جاز التعبير.
كم من الضجيج الفارغ يحيط بالمرأة .. فماذا يضيرنا في أن احدي فنانات الصف العاشر قد تشاجرت مع احدهم ولمس منطقة حساسة من جسدها ، أو أخري قد اتهمت في قضية مخلة بالشرف فينبري الإعلام كافه مسموعا ومرئيا ومكتوبا للمتابعة..في حين أن هناك الكثيرات يستوجبن أن يسلط عليهن الإعلام الضوء كنماذج مشرفة يقتدي بها الجيل الجديد من الشباب الذي يستقي معلوماته من وسائل التواصل الاجتماعي والفيس بوك.
إن صورة المرأة في الإعلام مازالت مشوهة وتخضع لقوالب ثقافية واجتماعية متخلفة لاتحترم إنسانيتها ودورها الأساسي في المجتمع ،وهذا ما أكدته الدراسات الإعلامية التي أوجبت اتخاذ قرارات مسئولة وواعية لتصحيح الصورة الإعلامية للمرأة وتطوير الوعي المجتمعي والأداء المهني للنساء ، إذ أن مهنة الإعلام تقدم رسالة اجتماعية وثقافية وفكرية فضلا عن الجانب التجاري ، لكنها قد تحولت عن هدفها وصار معظمها بلا هدف أو كما قال المثل القديم "ضجيج بلا طحن" فقد عملت بشكل واضح علي تنميط المرأة وحبسها في قمقم الأدوار التي تحددها لها الثقافات والخلفيات المتعددة ،ومن اجل المردود المادي ولأهداف تجارية بحتة تجاوزت القيم والأسس ،فضلا عن أن معظم البرامج المرأة عالجت قضايا ثانوية عن المرأة العربية ولم تهتم بالقضايا الرئيسية التي برزت فيها والجوانب الإبداعية في مجالات صنع القرار ،أو في معالجة العنف التي تتعرض له ،وفي كل الجوانب الإنسانية المضيئة التي تشارك الرجل فيها.
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.