رائدات/ بقلم :ريهام فؤاد الحداد - أثار حفل الأوسكار الأخير بنا، نحن المشاهدين المصريين، الكثير من الشجن والمشاعر المتضاربة بين الانبهار استمتاعاً بحفل يخطف الأبصار والأذهان بحيث يضطرك لمغالبة النوم لإكمال مشاهدته وقد استمر للساعات الأولى من صباح اليوم التالى، إلى تذكر مهرجاناتنا المحلية فى تأسٍّ وحسرة، عاقدين مقارنات غير منطقية بدافع الغيرة على الوطن والأمل بغد أفضل وربما على سبيل جلد الذات فى أمر لا نستطيع إليه سبيلاً، ولكنى أفضل البحث بجدية عن طريقة عاجلة وفاعلة للحاق بالعالم وتطوير الذات، وربما فى سبيل ذلك احتجنا لاستعراض ملامح الأوسكار وصفاته.
جائزة الأوسكار التى تتضارب الأقوال بشأن اسمها ما بين أنه قد أطلق على التمثال رمز الجائزة من أمينة مكتبة الأكاديمية المصدرة للجائزة (أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأمريكية) والتى قالت صارخة عند رؤيته: إنه يشبه عمى أوسكار!! أو أن التسمية كانت للممثلة «بيت ديفيس» التى سمته على اسم زوجها الأول (أوسكار)، فبكل الأحوال كان اسماً ذا فأل حسن!!
تأسست تلك الأكاديمية الفخرية المهمة سنة ١٩٢٧ بكاليفورنيا وأصبحت الآن بقوة ٦٠٠٠ عضو، ولجنة تصويت تتكون من ٥٨١٦ سينمائياً مختصاً وممثلاً وممثلة، تتنوع جوائزه بين فئات الفن السينمائى المختلفة لتغطى جميع نواحى الإبداع، وقد اعتمد الأوسكار فى معظم الأوقات على تميز الأفلام ذات الإمكانات والميزانيات والعائدات الضخمة، إلى أن بات مؤخراً ينافس جوائز (كفندى) التى تُعنى بالأفلام ذات الميزانيات المنخفضة والعائدات الصغيرة ولكن قيمتها الفنية كبيرة، فى إشارة إلى تطور واتساع أفق المهرجان وعدم اعتماده على رأى الجمهور وشباك التذاكر، بل على معاييره الخاصة، كما أن الأوسكار كذلك لم يغفل عمل مسابقات سنوية لطلاب فنون السينما الأمريكية، وبذلك يكون تاريخ ٢٨ فبراير من كل عام عيداً أوسكارياً يحاول احتواء الجميع.
غير أنه -وعن عمد- لا يحتوى الملونين، وقد كان هذا متكرراً وممنهجاً وبإصرار حتى أنه فى العام ٧٣ وعند فوز النجم الرائع مارلون براندو بجائزة أفضل ممثل، رفض «براندو» تسلّم الجائزة وبعث بنائبة عنه ترتدى ملابس الهنود الحمر حاملة رسالة من كلماته وأفكاره أمام المهرجان الذى كان يتابعه نحو ٨٠ مليون مشاهد، وكانت كلمات «براندو» تحمل بعداً إنسانياً سياسياً تستهجن سوء معاملة السينما الأمريكية للهنود الحمر، وكذا الشىء حدث هذا العام مع النجم ذى الأصول الأفريقية «وَيْل سميث»، الذى امتنع هو والمخرج «سبايك لى» وزوجته «جادا بينكت سميث»، والمخرج «مايكل مور»، عن حضور حفل أوسكار 2016 غضباً وضجراً واعتراضاً على الاضطهاد الأوسكارى ضد الملونين وعدم ترشيح أى منهم لنيل جوائز الأوسكار، كما تحرج النجم المصارع سيلفستر ستالون الذى نال ترشيحاً للأوسكار عن فيلمه الأخير رغم أن بطولة الفيلم وإخراجه كانت لاثنين من الأمريكان ذوى الأصول الأفريقية (مايكل بى ورايان كوجلر)، وأراد الاعتذار عن حضور الحفل لولا أن أصر زميلاه الأسودان على حضوره نيابة عن صناع الفيلم جميعاً. وبرغم كل هذا الجدل فإن القائمين على الأوسكار دائماً ما يرددون أنها جائزة نزيهة ولن تخضع للابتزاز العرقى مهما اعترض المعترضون.
وبما له وما عليه، يبقى الأوسكار الاحتفال السينمائى الأقوى والأكبر، لذلك يكون ضرباً من الجنون مقارنة ما لدينا بما لديهم، ولكن يمكننا الحلم والسعى وطلب أن تكون الأمور عندنا بالسينما المصرية أكثر جدية واهتماماً بالتفاصيل.. جدية تخص المنظومة السينمائية ككل، ولنبدأ بأن يكون لدينا إنتاج سينمائى أولاً، لأن المعروض أقل من القليل، ثانياً أن يعنى بالمحتوى والمضمون والتفاصيل.
إن السينما صناعة مهمة ودخل جبار وسياحة ثقافية مميزة.. فأين من يترجم هذا على أرض واقعنا المصرى؟!! نحن نحتاج إلى سينما سليمة بالمقام الأول، ترتكز على أسس وأولويات، حينها فقط سوف تنجح مهرجاناتنا ومن يدرى حينها ربما تحسن مشهد سجادتنا الحمراء وانتبه فنانونا إلى أن يكون لاحتفالاتنا رسائل إنسانية وسياسية وثقافية كالتى يحملها نجوم هوليوود لجمهورهم، كالرسالة التى حملها ليوناردو دى كابريو هذا العام بشأن المناخ.
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.
إشراك المرأة في عملية التنمية جنباً إلى جنب مع الرجل ، وذلك من خلال توعية المرأة بأهمية دورها في المجتمع مع إتاحة كافة الفرص لتأهيلها لأداء هذا الدور ، وتكون عضواً منتجاً في مجتمعها .