رائدات/ بقلم : زينة بورويسة* - الحديث عن قلم أدبي نسوي في الجزائر هو أشبه ما يكون بحديث عن فيلم فاشل لا يرغب الكل في مشاهدته. ليس لأن ذلك الفيلم فاشل فعلا، و لكنها الأحكام المسبقة تفعل فعلتها.
الجزائر بلد ككل البلدان العربية لا تصفّق للأقلام النسوية كما تفعل مع الأقلام الرجالية. قد يبدو كلامي اجترار لكلام حركات كثيرة سابقة حاولت بطريقة أو بأخرى أن ترفع الغبن عن المرأة. و لكنها الحقيقة التي لمستها كقلم في خطواتي الأولى. فتلك الحركات و إن استطاعت أن تحظى ببعض التشريعات و الجمعيات، إلاّ أنّها لم تستطع أن تغيّر الذهنيات، و المعتقدات الكامنة في دواخلنا.
تجربتي الصغيرة جدا في الكتابة جعلتني أكتشف أن إيصال الصوت النسائي للقرّاء لا يتطلب قلما ماهرا، و إحساسا صادقا، و رسالة واضحة... بقدر ما يتطلب واحدا من الأمرين: شراسة حقيقية، و نفس طويل في فرض الذات، أو ابتسامة عريضة تتبعها تنازلات كثيرة. و كلا الحلين أصعب من الآخر. فالأوّل يجعلك تهدرين الكثير من الوقت و تتحملين الكثير من التعليقات، و تستهلكين الكثير من الطاقة... و النتيجة قد لا تكون مضمونة. أما الثاني فصعب للغاية و يضعك في خانة الأديبة قليلة الأدب. و من يحضر المهرجانات الأدبية سيلاحظ أن معظمها قد تحولت بوصف دكتور جزائري إلى " زردة"، يجتمع فيها أشخاص هم في كثير من الأحيان لا علاقة لهم بالأدب، و هو ما ينعكس سلبا على المردود الثقافي، و يشوه سمعة الملتقيات الأدبية و الشعرية التي لم يعد يحضرها سوى المدعوين أنفسهم.
و لأن الإعلام هو المسير الأول لاهتمامات الجمهور، فإن اللوم الأكبر يقع عليه. و للأسف فالإعلام الجزائري ، العام و الخاص، لا يولي أدنى اهتمام بالأقلام الأدبية عامة و النسائية خاصة. فكم من أديبة جزائرية كرّمت في المحافل الدولية و رفعت راية الجزائر عاليا و لقيت اهتماما كبيرا من طرف وسائل الإعلام العربية، دون أن تلقى أدنى اهتمام من طرف الإعلام الجزائري الغارق في القضايا السياسية التي لا تسمن و لا تغني من جوع. لهذا، و بعد كل تظاهرة ثقافية، تطلع علينا أقلام نسائية تلوم الاستبعاد و أخرى تنبذ الإقصاء، ,,, و أسباب الاستبعاد و الإقصاء دائما مجهولة؟؟. و على العكس من ذلك نلاحظ أن الإعلام الجزائري، كنظيره في البلدان العربية، يولي اهتماما زائدا و مبالغا فيه بعالم الغناء و السينما، و هو ما يؤثر سلبا على تفكير الفرد الذي يصبح النجاح في نظره بعيدا كل البعد عن القلم و الكتابة، و يسوّق لفكرة أن الفنان هو سفير المجتمع و هو صورة الإنسان الناجح.
إنني و من خلال هذا الكلام لا أقطع طريق الأمل أمام الأقلام النسائية الجزائرية الناشئة، و لكنني أضعها في الصورة لتدرك معنى الكتابة، و لتستطيع أن ترسم لنفسها خارطة مسبقة تساعدها على الإبحار في عالم الكتابة، خاصة إذا كانت تمتلك فكرة و مشروعا يستحقان التضحية.
* اديبة وكاتبة جزائربة
|